الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإن مات السيد وحضر المكاتب مطالبا يقدم حقه على الورثة . ثم نقل المزني في هذا الموضع ، فقال : " حاص المكاتب بالذي له أهل الدين والوصايا " ، فاعترض على قوله بأن قال : الإيتاء واجب ، فينبغي أن يحاص به أهل الدين ، ويتقدم به أهل الوصايا " .

وأجاب أصحابنا عن هذا الاعتراض بأربعة أوجه :

أحدها : أن المراد به أن المكاتب يتقدم به على الورثة كأهل الدين والوصايا ، ثم يحاص به أهل الدين ، ويتقدم به على أهل الوصايا لأنه دين فكان مضموما إلى الدين . والثاني : أنه محمول على الوصايا بالدين ، لأن الدين يثبت بعضه بالبينة ، وبعضه بالوصية ، فصارت الوصايا والدين سواء ، فلذلك وجب أن يحاص المكاتب أهل الدين والوصايا .

ولو كانت الوصايا بالعطايا لتقدم بها عليهم .

والثالث : أنه محمول على أن السيد وصى له بأكثر من حقه فيحاص أهل الدين بالواجب ، وأهل الوصايا بالفاضل .

والرابع : أن المكاتب يحاص أهل الوصايا بجميع الإيتاء ، لضعفه عن الديون المستقرة من وجهين :

أحدهما : حصول الخلاف في استحقاقه .

والثاني : الجهالة بقدره ، فلم يجز أن يساوي ما اتفق على استحقاقه وقدره .

والقول بهذا الوجه تعليلا بهذين الأمرين فاسد ، لأننا قد حكمنا باستحقاقه وقدره .

التالي السابق


الخدمات العلمية