فصل : وأما القسم الثاني : وهو أن
يكون باقيه ملكا لشريك فيه ، فلا تخلو كتابة هذا السيد من أحد أمرين : إما أن تكون بإذن شريكه فيه . أو بغير إذنه .
فإن
كانت بغير إذن الشريك فالكتابة فاسدة ، لما فيها من دخول الضرر على الشريك بنقصان قيمة حصته ، وجوزها
الحكم بن عتبة وابن أبي ليلى ، كما يجوز بيع حصته بغير إذن شريكه ، وليس لهذا القول وجه ، لأن البيع لا يلحق الشريك فيه ضرر ،
[ ص: 200 ] فجوزناه بغير إذنه ، والكتابة يدخل بها ضرر عليه ، فمنع منها بغير إذنه .
وإن كاتبه بإذن شريكه ، ففي صحة كتابته قولان :
أحدهما : نص عليه
الشافعي في كتاب الأم على مسائل
محمد بن الحسن أن الكتابة صحيحة ، وبه قال
أبو حنيفة ومالك ، لأن المانع منها دخول الضرر على الشريك ، وإذنه رضا بالضرر فزال المنع وصحت الكتابة .
والقول الثاني : نص عليه
الشافعي في هذا الموضع وأكثر كتبه ، واختاره
المزني ، أن الكتابة فاسدة ، وإن أذن فيها الشريك لأربعة معان :
أحدها : أن
موضوع الكتابة أن يكمل بها تصرف المكاتب ، ولا يكمل تصرفه بكتابة بعضه ، لأنه إن أراد أن يسافر لكتابته منعه الشريك من السفر ، لرقه ، فاقتضى أن تكون فاسدة .
والثاني : أنه
لا يقدر بكتابة بعضه أن يستعين بمال الصدقات ، لأن الشريك يأخذ منه بقدر سهمه ، والصدقة لا تحل له ، فمنع منها حتى تكمل كتابة جميعه .
والثالث : لأنه إذا
كوتب في نصفه على ألف ، لم يعتق إلا بأداء ألفين ، ليأخذ الشريك منها ألفا والمكاتب ألفا ، وما أفضى إلى هذا لم تصح به الكتابة كما لو شرطت عليه الزيادة لفظا .
والرابع : أنه
إذا عتق ما كوتب عليه سرى العتق إلى باقيه ، فعتق بالكتابة ما لم يدخل فيها ، ففسدت كما لو قال : كاتبتك على أنك إذا أديت مال كتابتك فأنت وأخوك حران ، كانت كتابته فاسدة ، لتعدي العتق فيها إلى ما لم يدخل في عقدها ، كذلك في مسألتنا .