مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو كاتباه جميعا بما يجوز فقال : دفعت إليكما مكاتبتي وهي ألف فصدقه أحدهما وكذبه الآخر رجع المنكر على شريكه بنصف ما أقر بقبضه ولم يرجع الشريك على العبد بشيء ، ويعتق نصيب المقر ، فإن أدى إلى المنكر تمام حقه عتق وإن عجز رق نصفه والنصف الآخر حر .
قال
الماوردي : وهذا كما قال إذا
كاتب الشريكان عبدا بينهما نصفين ، فادعى المكاتب عليهما أنه أدى مال الكتابة إليهما فإن صدقاه عتق عليهما وكان ولاؤه لهما ، وإن كذباه حلفا ، وكان على كتابته ، فإن أداها وإلا عجزاه ، وعاد عبدا ، فإن
صدقه أحدهما وكذبه الآخر عتقت حصة المصدق ، وحلف له المكذب وكان على كتابته في حصته ، وللمكذب أن يرجع على المصدق بنصف ما أقر بقبضه وهو الربع لوجوب تساويهما في الأداء ، والمكذب بالخيار بين أن يرجع به على المصدق بحصول حقه في يده ، وبين أن يرجع به على المكاتب ، لأنه حق تعلق بذمته ، فإن رجع به على المصدق لم يرجع به المصدق على المكاتب ، لأنه مقر أن المنكر ظلمه بأخذه . وإن رجع به على المكاتب لم يكن للمكاتب أن يرجع به على المصدق لهذه العلة ، فإذا أخذ المكذب ربع الكتابة من أحدهما بقي له على المكاتب ربعها ، لأن له النصف ، فإن أداه المكاتب عتق ، وإن عجز عنه رق ، وكان نصفه حرا مملوكا ، ولا يقوم على الشريك المصدق وإن عتقت حصته بالتصديق ، نص عليه
الشافعي هاهنا ، وعلل بأن العبد يبرئه من ذلك ، وفي هذا التعليل دخل ، لأن في تكميل الحرية من حقوق الله تعالى ما لا يعتبر فيه الإبراء ولا تقبل شهادة المصدق على المنكر ، وإن كان عدلا لأنه يستدفع بها ضرر استرجاع نصف ما بيده ، فصار متهوم الشهادة فردت .