مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : " إلا أن المكاتب ممنوع من استهلاك ماله وأن يبيع بما لا يتغابن الناس بمثله ولا يهب إلا بإذن سيده " .
[ ص: 236 ] قال
الماوردي : قد ذكرنا أن
المكاتب مالك لكسبه غير أن للسيد عليه حجرا ، ولا يصرف ما بيده إلا في أحد ثلاثة أوجه :
أحدها : في دين يستحق .
والثاني : في طلب فضل يستزاد .
والثالث : في مئونة لا يستغنى عنها .
فأما الدين فنوعان : مراضاة ، وإكراه .
فأما دين المراضاة فكالإجارات ، والقروض .
وأما دين الإكراه فكقيم المتلفات وأروش الجنايات ، فعليه أداؤها معا ، وهما سواء في وجوب القضاء ، ولا يلزمه استئذان السيد في واحد منهما .
وأما طلب الفضل ، فقد يكون من وجهين : تجارة ، وعمل .
فأما التجارة ، فتكون بالبيع والشراء ، فلا اعتراض للسيد عليه فيما باعه واشتراه إذا لم يظهر فيه مغابنة .
وأما العمل فهو احترافه بيديه في أنواع المكاسب ، ولا اعتراض للسيد عليه إذا تصدى له ، ولا يجبره عليه إن قعد ، لأنه ليس للسيد أن يجبره على الاكتساب ، كما ليس له أن يمنعه منه .
وأما ما لا يستغنى عنه من المؤن فنوعان : مئونة تثمير ماله ، ومئونة لحراسة نفسه ، فأما مئونة التثمير فكسقي الزروع ، وعلوفة المواشي ، ونقل الأمتعة .
وأما مئونة نفسه ، فكالذي يحتاج إليه من مأكوله وملبوسه أو من تجب عليه نفقته من زوجة وولد ، ولا اعتراض للسيد عليه في كلا المئونتين ما لم يخرج فيهما إلى حد السرف .
فأما نفقته في ملاذه فما كان منها معهودا بمثله لم يمنع منه ، وما خرج عن المعهود منع منه .