مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وإن باع فلم يفترقا حتى مات المكاتب وجب البيع ، وقال في كتاب البيوع إذا مات أحد المتبايعين قام وارثه مقامه " .
قال
الماوردي : وقال في كتاب البيوع ،
إذا مات أحد المتبايعين قام الوارث مقامه ، وأما خيار المجلس فمستحق في عقد كل بيع يستوي فيه الحر والعبد ، والمالك
[ ص: 238 ] والوكيل ، ويكون مستحقا للمتبايعين ما لم يفترقا بأبدانهما ، فإن مات أحدهما ، فهل يكون قطعا للخيار كالافتراق بالأبدان ؟ قال
الشافعي في هذا الموضع من كتاب المكاتب : وإذا
باع فلم يفترقا حتى مات المكاتب وجب البيع ، وظاهر هذا الوجه انقطاع الخيار بالموت ، وقال في كتاب البيوع : " إذا مات أحد المتبايعين قام الوارث مقامه " ، وهذا يوجب أن يكون الخيار موروثا لا ينقطع بالموت ، فاختلف أصحابنا في اختلاف هذين الجوابين على ثلاثة مذاهب : أحدها : أن خيار المجلس لا ينقطع بالموت قولا واحدا ، وينتقل إلى وارث الحر وسيد المكاتب ، وقول
الشافعي في موت المكاتب " وجب البيع " يريد به الرد على من قال إن
موت المكاتب في خيار المجلس يبطل البيع ، لأنه يموت عبدا ، ولم يرد به انقطاع الخيار .
والمذهب الثاني : أن اختلاف الجوابين محمول على اختلاف قولين في موت الحر والمكاتب :
أحدهما : ينقطع خيار المجلس بالموت في بيع الحر وبيع المكاتب على ما قاله في المكاتب ، لأنه لما انقطع بافتراق الأبدان كان أولى أن ينقطع بافتراق الأرواح والأبدان .
والقول الثاني : أن الخيار لا ينقطع بموت الحر ولا بموت المكاتب ، وينتقل عن الحر إلى وارثه ، وعن المكاتب إلى سيده على ما نص عليه في البيوع ، لأنه لما لم ينقطع بافتراق الأبدان ، فأولى أن لا ينقطع بافتراق الموت .
والمذهب الثالث : أن الجواب على ظاهره في الموضعين ، وأنه لا ينقطع بموت الحر ، وينتقل عنه إلى وارثه وينقطع بموت المكاتب ولا ينتقل عنه إلى سيده .
والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن
المال ينتقل عن الحر ميراثا ، وعن المكاتب ملكا ، فقام وارث الحر مقامه ، ولم يقم سيد المكاتب مقامه .
والثاني : أن نظر المكاتب في مدة الخيار عائد إلى سيده ، فاكتفى السيد فيه بنظر مكاتبه ، وكذلك الوكيل لا ينتقل خيار المجلس بقوله فيه إلى الموكل ونظر الحر لنفسه فانتقل بموته إلى وارثه ليستدرك به الحظ إلى نفسه .