مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : "
ولا يبيع بدين " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، لأن في البيع بالدين تغريرا بالمال ، فلم يجز بغير إذن السيد ، وفي جوازه بإذنه قولان ، ويجوز له أن يشتري بالدين ، وإن لم يأذن فيه السيد ، لأن التغرير فيه على مالك الدين ، ولا يجوز أن يعطي فيما اشتراه بالدين رهنا خوف تلفه ، ولا يجوز أن يعطي مالا مضاربة ، ويجوز أن يأخذ مالا مضاربة ، لأن التغرير في الدفع عائد عليه ، وفي الأخذ عائد على غيره ، ولا يجوز أن يدفع مالا في سلم ، ويجوز أن يأخذ مالا في سلم للمعنى الذي ذكرنا .
مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : " ولا يهب لثواب " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ،
لا تصح من المكاتب الهبة بغير إذن السيد ، سواء كاتب لثواب تجب فيه المكافأة أو بغير ثواب .
فإن قيل : فهلا جازت الهبة لثواب ، لأنها معاوضة كالبيع ؟ قيل : لا تصح منه هبة الثواب ، وإن صح منه البيع ، لوقوع الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن استحقاق الثمن في البيع إجماع ، واستحقاق الثواب في الهبة على خلاف .
والثاني : تعجيل الثمن وتأجيل الثواب ، وفرق في حق المكاتب بين ما تعجل من العوض وتأجل ، فإن أذن السيد فيها فعلى القولين ، وإذنه إذا صحت الهبة معتبر في عقدها وإقباضها ، فإن أذن له في العقد ولم يأذن له في الإقباض لم تصح الهبة ، لأن عقد الهبة لا يقع به التمليك ، وإنما يملك بالإقباض الذي لم يأذن فيه وإن أذن في الإقباض ، ولم يأذن في العقد لم يصح لفساد العقد بعدم الإذن ، فيصير الإقباض متجردا عن غير عقد .