فصل : وأما القسم الثالث : وهو أن
يعقداها بحلال وحرام ، فالكتابة فاسدة ، لأن تحريم بعض العوض كتحريم جميعه في فساد العقد ، وإذا كان كذلك فلهما بعد الإسلام أربعة أحوال :
أحدها : أن يكون الإسلام بعد تقابض جميعه ، فيكون العتق واقعا ، ولا تراجع .
والحال الثانية : أن يكون الإسلام قبل قبض جميعه ، فالكتابة باطلة فإن حكم بإبطالها لم يصح العتق فيها بالأداء ، وإذا حصل الأداء قبل التحاكم عتق به تغليبا لحكم الصفة ، ورجع السيد على المكاتب بقيمته ، ورجع المكاتب عليه بما أدى من العوض الحلال دون الحرام ، وإن كان من جنس القيمة تقاصاه .
والحال الثالثة : أن يتقابضا الحلال ، ويبقى الحرام ، فتكون باطلة ، فإن أدى الحرام قبل التحاكم عتق بالصفة وتراجعا .
والحال الرابعة : أن يتقابضا الحرام في الشرك ، ويبقى الحلال في الإسلام ، ففي الكتابة وجهان :
أحدها : يحكم بصحتها ، لأن الحرام بقبضه في الشرك قد صار عفوا ، والباقي من الحلال في الإسلام يجوز أن يكون عوضا ، فعلى هذا يؤدي المكاتب الحلال ، ويعتق به ولا تراجع فيه .
والوجه الثاني : يحكم بفساد الكتابة لأن الحلال بعض العوض في عقد فاسد ، وللسيد إبطالها ، لئلا يعتق بأدائها ويصير عبدا ، فإن لم يبطلها ولا حكم بإبطالها حاكم عتق فيها بالأداء ، ورجع السيد بقيمته ، ورجع المكاتب بما أداه وكان قصاصا إن تجانس . والله أعلم .