فصل : وأما
أبو حنيفة ومن تابعه فإنهم استدلوا على حقن دمه بقوله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=921905أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وحده فإن قالوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله ، عز وجل وهذا قد قال لا إله إلا الله فوجب أن يكون دمه محقونا ، وأيضا وما رواه
عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أنه قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=921906لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنا بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس وهذا لم يفعل أحد هذه فوجب أن يكون محقون الدم ، قالوا : ولأنها عبادة تؤدى وتقضى ، فوجب أن لا يقتل بتركها كالصوم ، قالوا : ولأنها عبادة شرعية فوجب أن لا يستحق القتل بتركها كسائر العبادات .
والدلالة على إباحة دمه قوله تعالى :
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [ التوبة : 5 ] إلى قوله تعالى :
فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم [ التوبة : 5 ] . فأمر بقتلهم ثم استثنى منهم من جمع شرطين : التوبة ، وإقامة الصلاة ، فعلم أن من أتى بأحدهما وهو التوبة دون الصلاة كان الأمر بقتله باقيا .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921647ألا إني نهيت عن قتل المصلين فلما كان فعلها سببا لحقن دمه كان تركها سببا لإراقته ، ولأنها أحد أركان الإسلام الذي لا يدخله النيابة ببدل ولا مال ، فوجب أن يقتل بتركها كالإيمان ، ولأن الصلاة والإيمان يشتركان في الاسم والمعنى ، فأما اشتراكهما في الاسم فهو أن الصلاة تسمى إيمانا قال الله تعالى :
وما كان الله ليضيع إيمانكم [ البقرة : 143 ] . يعني : صلاتكم ، وأما اشتراكهما في المعنى فمن وجهين :
أحدهما : أن من لزمه الإيمان لزمه فعل الصلاة ، وقد لا يلزمه الصيام إذا كان شيخا هرما ، ومن لم يلزمه فعل الصلاة لم يلزمه الإيمان كالصبي والمجنون .
والثاني : أن من هيئات الصلاة ما لا يقع إلا طاعة لله سبحانه كالإيمان الذي لا يقع إلا لله ، عز وجل ، فلما وجب اشتراكهما في الاسم والمعنى وجب اشتراكهما في الحكم ؛ ولأن الشرع يشتمل على أوامر ونواهي ، فلما قتل بفعل ما نهي عنه وإن كان معتقدا لتحريمه اقتضى أن يقتل بترك ما أمر به وإن كان معتقدا لوجوبه .
فأما الجواب عن الخبر الأول فقد قال صلى الله عليه وسلم فيه " إلا بحقها " ، والصلاة من حقها ، كما قال
أبو بكر رضي الله عنه في مانعي الزكاة .
[ ص: 527 ] وأما الجواب عن الخبر الثاني وقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=921907لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان " فأباح دمه بالكفر مع الإسلام ، ولا يكون ذلك إلا بترك الصلاة ، لأنه يكون مسلما وأحكام الكفر جارية عليه في إباحة الدم .
وأما الجواب عن قياسهم على الصوم والعبادات فالمعنى فيه : أن استيفاء ذلك ممكن منه ، واستيفاء الصلاة غير ممكن كالإيمان .