مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : " فإن وقف الحاكم ماله أدى إلى سيده وإلى الناس ديونهم شرعا فإن لم يكن عنده ما يؤدي هذا كله عجزه في مال الأجنبي إلا أن ينظروه ، ومتى شاء من أنظره عجزه ثم خير الحاكم سيده بين أن يفديه بالأقل من أرش الجناية أو يباع فيها فيعطى أهل الجناية حقوقهم دون من داينه ببيع أو غيره لأن ذلك في ذمته ومتى عتق اتبع به " .
قال
الماوردي : اعلم أن
الحاكم ليس له أن يحجر على المكاتب ما لم يسأله أصحاب الحقوق الحجر عليه ، فإن سألوه الحجر عليه لم تخل الحقوق أن تكون حالة ، أو مؤجلة ، فإن كانت الحقوق مؤجلة لم يجز أن يحجر عليه بها لأنها غير مستحقة في الوقت ، وإن كانت حالة لم يخل ما بيده من المال من أن يكون متسعا لقضاء جميعها ، أو يضيق عنها ، فإن اتسع لجميعها لم يجز أن يحجر عليه ، وأخذه بقضائها ، وإن ضاق
[ ص: 269 ] ما بيده عنها نظر في طالب الحجر ، فإن طلبه السيد لم يكن للحاكم أن يحجر عليه في حق السيد ، لأن ما يستحقه من مال الكتابة غير مستقر في الذمة ، وإن طلب أرباب الدين الحجر عليه جاز أن يحجر الحاكم عليه حجر المفلس حفظا لحقوقهم ، وإن طلب مستحق الجناية الحجر عليه نظر في أرش الجناية ، فإن كانت أكثر من قيمته أجيب إلى الحجر عليه ، لأنه لا يصل إلى الزيادة عليها إلا فيما في يده ، وإن كان الأرش بقدر قيمته احتمل وجهين :
أحدهما : يجاب إلى الحجر عليه ، لأن الكتابة قد علقت أرش الجناية بما في يده فصارت كالديون .
والوجه الثاني : لا يجاب إلى الحجر عليه لثبوت الأرش في رقبته ، وأنه يرجع عند إعساره إلى أخذ الأرش منها .