الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما إذا أعتق السيد مكاتبه بعد جنايته على يده نظر ، فإن كان القود مستحقا لم يسقط بعتقه ، وكان للسيد أن يقتص منه بعد عتقه ، وإن كانت خطأ توجب المال لم يخل حال المكاتب وقت عتقه من أن يكون بيده مال أو لا يكون ، فإن لم يكن بيده مال برئ المكاتب من أرش الجناية بالعتق بخلاف عتقه بالأداء ، لأن عتقه بالأداء إذا كان عن اختياره ، فلم يتضمن الإبراء من الجناية ، وعتق السيد كان عن اختيار السيد ، فصار متضمنا للإبراء من الجناية ، وإن كان بيده مال حين أعتقه السيد ، فقد اختلف أصحابنا هل يتعلق أرش الجناية بما في يده من المال ؟ على وجهين :

أحدهما : لا يتعلق بما في يده ، لثبوتها في رقبته ، فعلى هذا يبرأ من الجناية بالعتق .

والوجه الثاني : يتعلق بما في يده لأنه قد كان له استيفاء الجناية منه ، فعلى هذا لا يبرأ من أرش الجناية بالعتق ، ويستوفى مما في يده من المال ، فإن عجز المال عنه نظر ، فإن علم السيد بعجز المال برئ المكاتب من الباقي ، وإن لم يعلم السيد بعجز المال لم يبرأ المكاتب من الباقي ، وكان مأخوذا به بعد الحرية ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية