فصل : والقول الثاني :
يعجل له أرش الجناية قبل الاندمال ، لأنه حق قد وجب ، فلا يوقف على ظن يرتقب ، فعلى هذا يحكم له على السيد بأقل الأمرين من نصف قيمته عبدا ، أو جميع ديته حرا ، لجواز أن تسري إلى نفسه بعد العتق ، وأقل الأمرين يقين ، فأوجبناه ، ووقفنا ما زاد عليه بالاحتمال على ما يتجدد من بيان ، وإذا كان كذلك لم يخل حال الكتابة من أن يكون قد حل أو باقيا إلى أجله ، فإن حل لم يخل أرش الجناية من أن يكون من جنس مال الكتابة أو من غير جنسه ، فإن كان من جنسه تقاصاه على ما مضى من الأقاويل الأربعة .
ثم روعي حاله بعد القصاص ، فإن استويا في القدر عتق المكاتب ، وبرئ السيد ، وإن كان أرش الجناية أكثر عتق المكاتب ، ورجع على سيده بباقي الجناية ، وإن كان مال الكتابة أكثر برئ السيد من الجناية ، ورجع على مكاتبه بباقي الكتابة ، وإن كانا من جنسين لم يكن قصاصا ، وتقابضاه ، وطالب كل واحد منهما بماله على صاحبه إلا أن يتبارءا عن تراض من غير شرط فيصح ، وإن كان مال الكتابة مؤجلا كان للمكاتب أن يتعجل من سيده أرش الجناية ولا يلزمه أن يجعله قصاصا من كتابة مؤجلة
[ ص: 281 ] فإن أراد المكاتب أن يجعله قصاصا من كتابة مؤجلة كان له ذلك ، ولم يكن للسيد أن يمتنع من أن يكون قصاصا كما ليس له أن يمتنع من تعجيل مؤجل ، وإذا صار قصاصا كان على ما ذكرنا من أنهما إن تساويا عتق المكاتب وبرئ السيد وإن كان أرش الجناية أكثر عتق المكاتب ورجع على سيده بالباقي ، وإن كان مال الكتابة أكثر برئ السيد ورجع على مكاتبه بالباقي .