فصل : وإن ضاق الثلث عن قيمته ، ولم يخرج جميعها منه ، فلا يخلو أن تكون معه وصايا أو لا تكون ، فإن لم تكن معه وصايا توفر الثلث كله في قيمته ، وكوتب منه بقدر ثلثه ، وإن كانت معه وصايا فقد اختلف قول
الشافعي في
الوصايا والعتق إذا [ ص: 289 ] اجتمعا في الوصية ، هل يقدم العتق ، أو يكون أسوة جميع العطايا ؟ على قولين مضيا في الوصايا .
أحدهما : يكون العتق أسوة الوصايا ، فعلى هذا تكون الكتابة أسوة جميع العطايا والوصايا يتحاصون في الثلث على قدر حقوقهم .
والقول الثاني : أن العتق مقدم على جميع العطايا والوصايا ، لفضل مرتبته بالسراية التي تختص به ، فعلى هذا اختلف أصحابنا في الكتابة ، هل تجري في ذلك مجرى العتق المحض أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنها تجري مجرى العتق المحض ، لإفضائها إليه ، فعلى هذا تقدم الكتابة على جميع الوصايا كما يقدم العتق .
والوجه الثاني : أنها لا تجري مجرى العتق المحض لما فيه من استحقاق العوض ، فصار بالمعاوضات في ابتدائه أشبه ، ولا يوجب إفضاؤه إلى العتق أن يكون مقدما على الوصايا كلها كما لو أوصى الرجل بأبيه لم يقدم على الوصايا وإن أفضى إلى عتقه ، فعلى هذا يكون أسوة جميع الوصايا ، ويقسم الثلث على جميعها بالحصص .