[ ص: 294 ] باب
عجز المكاتب
مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : " وليس لسيده أن يفسخ كتابته حتى يعجز عن أداء نجم فيكون له فسخها بحضرته إن كان ببلده . وإذا قال : ليس عندي مال فأشهد أنه قد عجزه بطلت كان عند سلطان أو غيره . واحتج في ذلك
بابن عمر " .
قال
الماوردي : قد ذكرنا أن الكتابة لازمة من جهة السيد دون المكاتب لما قدمناه من الفرق بينهما من وجهين ، فإذا لم تحل أنجم الكتابة فلا مطالبة للسيد ، والسيد على كتابته ونفوذ تصرفه ، ويملك كسبه ، فإن حل النجم وأداه المكاتب خرج به من حق السيد ، فإن كان آخر نجم عتق به ، وإن كان في تضاعيف نجومه كان عتقه موقوفا على الأخير ، وإن لم يؤد المكاتب مال النجم عند حلوله لم يخل أن يكون ذلك لعجز منه أو مع قدرة عليه ، فإن كان لعجز عنه وإعسار به ، فالسيد بالخيار بين إنظاره وبين تعجيزه ، وتفسخ كتابته اعتبارا بأصلين :
أحدهما : فسخ البيوع بالعيوب ، لأن عجزه عيب .
والثاني : استرجاع البائع عين ماله بالفلس ، لأن عجزه فلس ، فإن أنظره كان على كتابته ، وإن عجزه فسخ واحتاج الفسخ إلى شرطين :
أحدهما : أن يقول المكاتب : قد عجزت ، ويقول السيد : قد فسخت كتابتك ، ويستحب أن يشهد بالفسخ استظهارا ، وإن لم يجب ، ويجوز الفسخ ، وإن لم يحضره حاكم اعتبارا بالفسخ بالعيب ، للاتفاق على حكمه دون الفسخ بالفلس للاختلاف فيه ، وقد روى
نافع عن
ابن عمر أنه كاتب عبدا له على ثلاثين ألف درهم ، فقال : أنا عاجز ، فقال : امح كتابتك ، قال : بل امح أنت . يعني به الفسخ ، ولم يحضره حاكم ، فإذا فسخ بطلت الكتابة سواء كان العجز عن آخر نجم أو عن أوله .