فصل : ولو
قال : ضعوا عنه ما يخف من نجومه أو ما يثقل من نجومه ، فهذا يحتمل أن ينطلق على المقدار ، لأن قليل المال أخف من كثيره ، ويحتمل أن ينطلق على الأجل ، لأن قصير الأجل أثقل من طويله ، لكن انطلاقه على المقدار أغلب من انطلاقه على الأجل ، وإن احتمله فوجب حمله على أغلب احتماليه فيوضع عنه في آخر
[ ص: 307 ] نجومه أقلها قدرا ، وفي أثقل نجومه أكثرها قدرا ، ولكن لو
قال : ضعوا عنه ما خف أو ما ثقل ، أو
قال : ضعوا عنه ما قل أو ما كثر رجع فيه إلى الوارث ، ليضع عنه ما شاء مما خف عليه أو ثقل وما شاء فيما قل أو كثر ، لأن الشيء قد يكون قليلا إذا أضيف إلى ما هو أكثر منه ، وكثيرا إذا أضيف إلى ما هو أقل منه ، وإذا
قال لمكاتبه إذا عجزت فأنت حر ، فعجز في حياته عتق ، وإن عجز بعد موته لم يعتق ، لأن إطلاق الصفة توجب حملها على بقاء الملك ، كما لو
قال لعبده : إذا دخلت الدار فأنت حر ، فدخلها في حياة سيده عتق ، ولو دخلها بعد موته لم يعتق ، ولو قال لمكاتبه : إذا عجزت بعد موتي ، فأنت حر عتق بعجزه بعد الموت ، لأنه علق عتقه بصفتين : إحداهما : موت السيد ، والثانية : عجز المكاتب ، ولا يمنع أن يكون الموت صفة في وقوع العتق كالتدبير .
قال أصحابنا : ويصح مثله في
قول السيد لعبده : إذا دخلت الدار بعد موتي فأنت حر ، أن يعتق بدخولها بعد موت السيد ، وفيه عندي نظر ، وبينه وبين المكاتب فرق ، لأن العبد موروث والمكاتب غير موروث ، فجاز أن يعتق المكاتب بالعجز لبقائه على حكم ملك السيد ، ولم يعتق العبد بدخول الدار ، لخروجه عن ملك السيد ، وإذا صح ما قلناه في عتق المكاتب بعد الموت نظر في ادعائه العجز ، فإن كان قبل حلول النجم لم يعتق لأن العجز وقت الاستحقاق ، وقد يجوز وإن عجز قبله أن يستفيد عند محله ، وإن ادعى العجز عند حلول النجم اعتبر ما بيده فإن معه مال النجم لم يعتق ، لأنه ليس بعاجز ، وإن كان له تعجيز نفسه ، لأنه علق عتقه بالعجز لا بالتعجيز ، وإن لم يكن بيده مال ، فالظاهر عجزه ، فيكون القول في العجز قوله مع يمينه إن أكذبه الوارث ، ويصير حرا ، فلو قدر المكاتب على نجم ، وعجز عن آخر كان ذلك عجزا لا يعتق به ، ولا فرق بين عجزه عن جميع النجم أو عن أقله في وقوع العتق به ، وتكون قيمته محتسبة على السيد من ثلثه ، وما أخذه الوارث من النجوم كسب له ، والله أعلم .