الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 20 ] باب عدد الكفن وكيف الحنوط

قال الشافعي رضي الله عنه : " وأحب عدد الكفن إلي ثلاثة أثواب بيض رياط ليس فيها قميص ولا عمامة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة " .

قال الماوردي : وهو صحيح . أما تكفين الموتى واجب إجماعا ، به وردت السنة وعليه جرى العمل ، إذا كان واجبا انتقل الكلام إلى عدده وصفته ، فأما عدده فالمختار فيه وما جرى العمل به ثلاثة أثواب ، لرواية عائشة رضي الله عنها قالت : كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة .

قال الشافعي : وإن كفن في خمسة أثواب جاز ولا يزاد على الخمسة ؛ لرواية علي بن أبي طالب عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا سريعا " فإن كفن في ثوب واحد يستر جميع بدنه جاز ؛ لما روي أن مصعب بن عمير قتل يوم أحد ، وكانت له نمرة واحدة إن غطى بها رأسه بدت رجلاه ، وإن غطى بها رجلاه بدا رأسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " غطوا رأسه واطرحوا على قدميه شيئا من الإذخر " . فإن غطى من الميت قدر عورته ، وذلك ما بين سرته وركبته ، قال الشافعي : فقد أسقط الفرض ، ولكن أخل بحق الميت ، وإنما أجيز ؛ لأن نمرة مصعب لم تستر جميع بدنه فلم يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفن في غيره ، ولأنه يجب من ستره بعد موته ما كان يجب من ستره قبل موته ، وذلك قدر عورته .

التالي السابق


الخدمات العلمية