مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : "
ويجمر بالعود حتى يعبق بها ثم يبسط أحسنها وأوسعها ثم الثانية عليها ثم التي تلي الميت ويذر فيما بينها الحنوط ، ثم يحمل الميت فيوضع فوق العليا منها مستلقيا ، ثم يأخذ شيئا من قطن منزوع الحب فيجعل فيه الحنوط والكافور ثم
[ ص: 22 ] يدخله بين إليتيه إدخالا بليغا ويكثر ؛ ليرد شيئا إن جاء منه عند تحريكه إذا حمل وزعزع ، ويشد عليه خرقة مشقوقة الطرف تأخذ إليتيه وعانته ثم يشد عليه كما يشد التبان الواسع ( قال
المزني ) لا أحب ما قال من إبلاغ
الحشو ؛ لأن في ذلك قبحا يتناول به حرمته ، ولكن يجعل كالموزة من القطن فيما بين إليتيه وسفرة قطن تحتها ، ثم يضم إلى إليتيه والشداد من فوق ذلك كالتبان يشد عليه ، فإن جاء منه شيء يمنعه ذلك من أن يظهر منه ، فهذا أحسن في كرامته من انتهاك حرمته . ( قال
الشافعي )
ويأخذ القطن فيضع عليه الحنوط والكافور فيضعه على فيه ومنخريه وعينيه وأذنيه وموضع سجوده ، وإن
كانت به جراح نافذة وضع عليها
ويحنط رأسه ولحيته بالكافور وعلى مساجده ، ويوضع الميت من الكفن بالموضع الذي يبقى منه من عند رجليه أقل مما يبقى من عند رأسه ، ثم يثني عليه ضيق الثوب الذي يليه على شقه الأيمن ثم يثني ضيق الثوب الآخر على شقه الأيسر كما وصفت ، كما يشتمل الحي بالسياج ثم يصنع بالأثواب كلها كذلك ، ثم يجمع ما عند رأسه من الثياب جمع العمامة ثم يرده على وجهه ثم يرد ما على رجليه على ظهور رجليه إلى حيث بلغ ، فإن
خافوا أن تنتشر الأكفان عقدوها عليه " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال . وقال
الشافعي في كتاب الربيع : " ويجمر بالند " وإنما اخترنا ذلك ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :
" اصنعوا بموتاكم ما تصنعون بعروسكم " ولأن ذلك أبلغ في كرامة الميت ، وأجمل في عشرة الحاضرين ، ثم قال
الشافعي : ويبسط أحسن الأثواب الثلاثة وأوسعها ، ثم يبسط فوقه الذي يليه في الحسن ، ثم يبسط فوقه الذي هو دونها ، وإنما اخترنا أن يكون أحسنها أظهرها ؛ لأن ذلك أبلغ في جماله ، لأنه لو كان حيا لاختار له ذلك ، قال
الشافعي :
ويذر بينها الحنوط ، وهذا شيء لم يذكره غير
الشافعي من الفقهاء ، وإنما اختاره ؛ لأن لا يسرع بلى الأكفان ، وليقيها عن بلل يمسها .
قال
الشافعي : " ثم يحمل الميت فيوضع فوق العليا منها مستلقيا ، ويأخذ شيئا من قطن منزوع الحب فيجعل فيه الحنوط والكافور ، ثم يدخل بين إليتيه إدخالا بليغا ، ويكثر ليرد شيئا إن جاء منه عند تحريكه إذا حمل ورغرغ ، ويشد عليه كما يشد التبان الواسع ، فإن كان به إنزال يخشى على الثوب منه فاحتاج أن يجعل فوق الخرقة مثل السفرة من لبود فعل ذاك " وإنما اختار هذا كله اتباعا للسلف ، وإكراما للميت ، وحفظا للأكفان .
ولم يرد
الشافعي بقوله : ويدخله إدخالا بليغا في الحلقة كما توهم
المزني ؛ لأن في ذلك انتهاك حرمته ، وإنما أراد إدخالا بليغا بين الإليتين من غير انتهاك حرمته .
[ ص: 23 ] قال
الشافعي : " ويأخذ القطن فيضعه على الحنوط والكافور فيضعه على فيه ومنخريه وعينيه وأذنيه وموضع سجوده وجميع منافذه ، وإن كانت به جراح أو قروح وضع عليها ، ويحفظ رأسه ولحيته بالكافور ، وإنما اخترنا أن يفعل ذلك بمساجده وهي أعضاؤه السبعة لما روي في الحديث
أن الله تعالى يوكل به من يذب عن موضع سجوده النار ولقوله تعالى :
سيماهم في وجوههم من أثر السجود ، [ الفتح : 29 ] ، واخترنا أن يفعل ذلك في منافذه وجراحه حفاظا للخارج منه وصيانة للأكفان .