الركن الخامس :
الصيغة ، ولا تصح المساقاة بدونها على الصحيح . وفيها الوجه المكتفى في العقود بالتراضي والمعاطاة ، وكذا في القراض وغيره .
ثم أشهر الصيغ : ساقيتك على هذه النخيل بكذا ، أو عقدت معك عقد المساقاة .
قال الأصحاب : وينعقد بكل لفظ يؤدي معناها ، كقوله : سلمت إليك نخيلي لتتعهدها على كذا ، أو اعمل على هذا النخيل ، أو تعهد نخيلي بكذا ، وهذا الذي قالوه ، يجوز أن يكون تفريعا على أن مثله من العقود ينعقد بالكناية ، ويجوز أن يكون ذهابا إلى أن هذه الألفاظ صريحة ، ويعتبر في المساقاة القبول قطعا ، ولا يجيء فيها الوجه المذكور في القراض والوكالة ، للزومهما .
فرع
لو
عقدا بلفظ الإجارة ، فقال : استأجرتك لتتعهد نخيلي بكذا من ثمارها ، أو
عقدا الإجارة بلفظ المساقاة ، فوجهان في المسألتين . أحدهما : الصحة ، لما بين البابين من المشابهة واحتمال كل لفظ معنى الآخر . وأصحهما : المنع ، لأن لفظ الإجارة صريح في غير المساقاة ، فإن أمكن تنفيذه في موضوعه نفذ فيه ، وإلا فلا ، وهو
[ ص: 158 ] إجارة فاسدة ، والخلاف راجع إلى أن الاعتبار باللفظ أو المعنى ؟ ولو قال : ساقيتك على هذه النخيل بكذا ليكون أجرة لك ، فلا بأس ، لسبق لفظ المساقاة .
هذا إذا
قصدا بلفظ الإجارة المساقاة ، أما إذا قصدا الإجارة نفسها ، فينظر ، إن لم تكن خرجت الثمرة ، لم يجز ، لأن شرط الأجرة أن تكون في الذمة أو موجودة معلومة . وإن كانت خرجت ، وبدا فيها الصلاح ، جاز ، سواء شرط ثمرة نخلة معينة ، أو جزءا شائعا ، كذا أطلقوه ، ولكن يجيء فيه ما سنذكره إن شاء الله تعالى في مسألة قفيز الطحان وأخواتها . وإن لم يبد فيها الصلاح ، فإن شرط له ثمرة نخلة بعينها ، جاز بشرط القطع ، وكذا لو شرط كل الثمار للعامل . وإن شرط جزءا شائعا ، لم يجز وإن شرط القطع ، لما سبق في البيع . وإذا عقدا بلفظ المساقاة ، فالصحيح : أنه لا يحتاج إلى تفصيل الأعمال ، بل يحمل في كل ناحية على عرفها الغالب . وقيل : يجب تفصيلها . وهذا الخلاف إذا علم المتعاقدان العرف المحمول عليه . فإن جهله أحدهما وجب التفصيل قطعا .