فصل
حكم القنوات حكم الآبار في ملك مياهها وفي وجوب البذل وغيرهما ، إلا أن حفرها لمجرد الارتفاق لا يكاد يقع ، ومتى
اشترك المتملكون في الحفر ، اشتركوا في الملك بحسب اشتراكهم في العمل أو الارتفاق كما ذكرنا في النهر المملوك ، ثم لهم قسمة الماء بأن تنصب خشبة مستوية الأعلى والأسفل في عرض النهر ، ويفتح فيها ثقب متساوية ، أو متفاوتة على قدر حقوقهم ، ويجوز أن تكون الثقب متساوية مع تفاوت الحقوق ، إلا أن صاحب الثلث يأخذ ثقبة ، والآخر ثقبتين ، ويسوق كل واحد نصيبه في ساقية إلى أرضه ، وله أن يدير رحى بما صار له ، ولا يشق أحد منهم ساقية قبل المقسم ، ولا ينصب عليه رحى ، وإن اقتسموا بالمهايأة ، جاز أيضا .
وقد يكون الماء قليلا لا ينتفع به إلا كذلك ، ولكل واحد الرجوع كما ذكرنا في البئر ، هذا هو الصحيح المعروف . وقيل : تلزم المهايأة ليثق كل واحد بالانتفاع . وقيل : لا تصح القسمة بالمهايأة ، لأن الماء يقل ويكثر ، وتختلف فائدة السقي بالأيام .
قلت : لو
أراد أحدهم أن يأخذ نصيبه من الماء ويسقي به أرضا ليس لها رسم شرب من هذا النهر ، منع منه ، لأنه يجعل شربا لم يكن . والله أعلم .
[ ص: 312 ] فرع
الذين
يسقون أرضهم من الأودية المباحة ، لو تراضوا بمهايأة ، وجعلوا للأولين أياما ، وللآخرين أياما ، فهذه مسامحة من الأولين بتقدم الآخرين ، وليست بلازمة والظاهر : أن من رجع من الأولين ، مكن من سقي أرضه .