القسم الثاني : من أقسام الباب في الأحكام المعنوية .
قد سبق أن
الوصية بمنافع العبد والدار صحيحة مؤبدة ومؤقتة ، وكذا بغلة الدار والحانوت ، وكذا بثمار البستان التي تحدث على الأصح .
ولو
أوصى بخدمة عبد سنة ، ولم تعين صحت الوصية ، والتعيين للوارث .
ويجوز أن يجعل له ثمرة بستانه العام ، فإن لم يثمر ، فثمرة العام القابل ، أو خدمة عبده العام ، فإن مرض ، فخدمة العام الثاني .
ويجوز أن
يوصي بخدمة عبده لرجل مدة حياة زيد .
إذا تقرر هذا ، فالغرض الآن الكلام في مسائل
الوصية بالمنافع ، وهو مبني على أصل ، وهو أن هذه الوصية تمليك للمنافع بعد الموت ، وليست مجرد إباحة ، كما أن الوصية بالأعيان تمليك لها بعد الموت .
فلو مات الموصى له ، ورثت عنه كسائر حقوقه ، وله الإجارة والإعارة والوصية بها .
ولو تلف العبد في يده ، لم يضمنه ، كما لا يضمن المستأجر .
قال
البغوي : وليس عليه مؤنة الرد .
هذا كله إذا أطلق الوصية ، أو قيدها بالتأبيد .
والمراد بالتأبيد : استيعاب الوصية منفعة العبد مدة حياته .
وكذا الحكم فيما لو أوصى بمنفعته مدة مقدرة ، كشهر وسنة .
وحكي وجه : أنها لا تنتقل إلى وارث
[ ص: 187 ] الموصى له ، [ لا ] عند الإطلاق ، ولا إذا قدر مدة ومات الموصى له قبل انقضائها .
والصحيح المعروف الأول .
أما إذا قال : أوصيت لك بمنافعه حياتك ، فهو إباحة ، وليس بتمليك ، فليس له الإجارة .
وفي الإعارة وجهان .
وأما إذا
مات الموصى له ، رجع الحق إلى ورثة الموصي .
ولو
قال : أوصيت لك بأن تسكن هذه الدار ، أو بأن يخدمك هذا العبد ، فهو إباحة أيضا ، لا تمليك ، بخلاف قوله : أوصيت لك بسكناها ، وخدمته .
هكذا ذكره
القفال وغيره .
وفي " فتاوى "
القفال أنه لو قال : أطعموا زيدا كذا رطلا من الخبز من مالي ، اقتضى تمليكه ، كما في إطعام الكفارة .
ولو قال : اشتروا خبزا واصرفوه إلى أهل محلتي ، فسبيله الإباحة .
هذا هو الأصل .