صفحة جزء
وهو مخير بين التمتع والإفراد والقران ، وأفضلها التمتع ثم الإفراد وعنه : إن ساق الهدي فالقران أفضل ثم التمتع .


( وهو مخير بين التمتع والإفراد والقران ) ذكره جماعة إجماعا لقول عائشة : خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : من أراد منكم أن يهل بحج ، وعمرة فليفعل ، ومن أراد أن يهل بحج فليهل ، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل قالت : وأهل بالحج ، وأهل به ناس معه ، وأهل معه ناس بالعمرة والحج ، وأهل ناس بالعمرة وكنت فيمن أهل بعمرة . متفق عليه .

وذهب طائفة من السلف والخلف أنه لا يجوز إلا التمتع ، وقاله ابن عباس ، وعند طائفة من بني أمية ومن تبعهم ، النهي عن التمتع ، وعاقبوا من تمتع ، وكره التمتع عمر ، عثمان ، ومعاوية ، وابن الزبير ، وبعضهم : والقران ، وروى الشافعي عن ابن مسعود أنه كان يكرهه .

( وأفضلها التمتع ) في قول ابن عمر ، وابن عباس ، وعائشة ، وجمع ، نص عليه ، في رواية صالح ، وعبد الله ، وقال : لأنه آخر ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو يعمل بكل واحد منهما على حدة . قال : إسحاق بن إبراهيم كان اختيار أبي عبد الله الدخول بعمرة لقوله - صلى الله عليه وسلم - : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ، ولأحللت معكم وفي " الصحيحين " أنه - عليه السلام - أمر أصحابه لما طافوا ، وسعوا أن يجعلوها عمرة إلا من ساق هديا ، وثبت على إحرامه لسوقه [ ص: 120 ] الهدي ، وتأسف ، ولا ينقلهم إلا إلى الأفضل ، ولا يتأسف إلا عليه لا يقال : أمرهم بالفسخ ليس لفضل التمتع ، وإنما هو لاعتقادهم عدم جواز العمرة في أشهر الحج ;لأنهم لم يعتقدوه ، ثم لو كان لم يخص به من لم يسق الهدي لأنهم سواء في الاعتقاد ، ثم لو كان لم يتأسف لاعتقاده جوازها فيها ، وجعل العلة فيه سوق الهدي ، ولأن التمتع منصوص عليه في كتاب الله ، ولإتيانه بأفعالهما كاملة على وجه اليسر ، والسهولة مع زيادة نسك ، وهو الدم قال : في رواية أبي طالب : إذا دخل بعمرة يكون قد جمع الله له عمرة وحجة ، وما لا يقال : لو كان دم نسك لم يدخله كالهدي ، والأضحية ، ولا يستوي فيه جميع المناسك ; لأن دخول الصوم لا يخرجه عن كونه نسكا ; لأنه بدل ، والقرب يدخلها الإبدال كالقران ، وإنما اختص به لوجود سببه ، وهو الرفه بأحد السفرين ( فإن أعرض ) بأن النسك الذي لا دم فيه أفضل كإفراد لا دم فيه ( رد ) تمتع المكي وغيره سواء عندك ، وإنما كان إفراد لا دم فيه أفضل ; لأن ما يجب فيه دم جنابة ، وإفراد فيه دم تطوع أفضل .

( ثم الإفراد ) لما في " الصحيحين " عن ابن عباس ، وجابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أهلوا بالحج ، وفي مسلم عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج . وقال عمر ، وعثمان ، وجابر : هو أفضل الأنساك لما ذكرنا ، ولإتيانه بالحج تاما من غير احتياج إلى خبر فكان أولى ، وشرط أفضليته عند الشافعي أن يعتمر تلك السنة ، فلو أخرها عن سنته فالتمتع ، والقران أفضل منه لكراهة تأخيره العمرة عن سنة الحج .

وأجاب أصحابنا عن الخبر أنه أفرد عمل الحج عن عمل العمرة أو أهل بالحج فيما بعد مع أن أكثر الروايات عن جابر ذكر أصحابه فقط .

[ ص: 121 ] وأجاب أحمد في رواية أبي طالب بأن هذا كان في أول الأمر بالمدينة أحرم بالحج فلما دخل مكة فسخ على أصحابه ، وتأسف على التمتع لأجل سوق الهدي فكان المتأخر أولى .

( وعنه : إن الهدي فالقران أفضل ، ثم التمتع ) لما في " الصحيحين " عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا وعن أنس قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل بهما جميعا لبيك عمرة وحجا اختاره الشيخ تقي الدين ، ولأن فيه مسارعة إلى فعل العبادتين مع زيادة نسك ، وهو الدم فكان أولى .

وأجيب بأنه يحتمل أن أنسا سمعه يلقن قارنا تلبيته فظن أنه يلبي بهما عن نفسه ، أو سمعه في وقتين ، أو وقت واحد لما أدخل الحج على العمرة ، أو فرق بينهما أي : فعل الحج بعدها ، ويسمى قرانا لغة .

وحاصله أن التمتع أفضل لكثرة الأخبار به وصحتها وصراحتها مع أنه قوله ، وهو مقدم على فعله لاحتمال اختصاصه به .

وقد روي عنه - عليه السلام - أنه كان متمتعا ، فروى سالم عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمتع في حجة إلى الحج ، وتمتع الناس معه .

وعن عروة عن عائشة مثله ، وأمر ابن عباس بها ، وقال : سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - . متفق عليه . لكن قال أحمد : لا أشك أنه كان قارنا ، والمتعة أحب إلي ، وفيه أحاديث .

[ ص: 122 ] قال الشيخ تقي الدين : وعليه متقدمو الصحابة ، وهو باتفاق علماء الحديث ، وفيه نظر .

التالي السابق


الخدمات العلمية