فصل الضرب الثالث : الدماء الواجبة للفوات ، أو لترك واجب ، أو المباشرة في غير الفرج ، فما أوجب منه بدنة ، فحكمها حكم البدنة الواجبة بالوطء في الفرج وما عداه ، فقال القاضي : ما وجب لترك واجب ملحق بدم المتعة ، وما وجب للمباشرة ملحق بفدية الأذى ، ومتى أنزل بالمباشرة دون الفرج ، فعليه بدنة ، وإن لم ينزل ، فعليه شاة ، وعنه : بدنة ، وإن كرر النظر ، فأنزل ، أو استمنى ، فعليه دم ، وهل هو بدنة أو شاة ؛ على روايتين وإن فدى بذلك فعليه شاة ، وإن فكر فأنزل فلا فدية عليه .
فصل ( الضرب الثالث : الدماء الواجبة للفوات ) أي فوات الحج ، وتجب به بدنة في الأصح ( أو لترك واجب ) كالإحرام من الميقات ، والوقوف بعرفة إلى الليل ، ونحوها ( أو المباشرة في غير الفرج ) كما يأتي .
والحاصل أن الهدي الواجب بغير النذر ينقسم قسمين ، منصوص عليه ، وهو فدية الأذى ، وجزاء الصيد ، ودم الإحصار ، والمتعة ، والبدنة الواجبة بالوطء في الفرج لقضاء الصحابة ، وما سوى ذلك مقيس فأشار المؤلف إلى ذلك فقال : فما أوجب منه كالبدنة الواجبة بالمباشرة فيما دون الفرج فحكمها حكم البدنة الواجبة بالوطء في الفرج أي هي مقيسة عليها ; لأنها وجبت بسبب في إحرامه ، أشبهت البدنة الواجبة بالوطء ، فعلى هذا يجب فإن لم يجدها ، انتقل إلى صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع ، وعلى قول القاضي يجب البدنة ، ثم بقرة ، ثم سبع من الغنم ، ثم قيمة البدنة طعاما ، ثم يصوم عن [ ص: 182 ] كل مد يوما ، وعلى قول الخرقي يخير فيها ، ( وما عداه فقال القاضي : ما وجب لترك واجب ) كالمبيت بمنى ، ومزدلفة ، وطواف الوداع ( ملحق بدم المتعة ) ; لأن دم المتعة وجب لترفهه بأحد السفرين فيقاس عليه كل دم واجب لترك واجب ( وما وجب للمباشرة ) كالقبلة ، واللمس ، والوطء من العمرة ، وفى الحج بعد رمي جمرة العقبة ( ملحق بفدية الأذى ) ; لأنه في معناه فيقاس عليه ، وأما الشاة الواجبة فيخير فيها كما يخير في فدية الأذى للترفه ، ( ومتى أنزل بالمباشرة دون الفرج فعليه بدنة ) وقد تقدم ، ( وإن لم ينزل فعليه شاة ) جزم به في الخرقي ، والوجيز ، واختاره جمع منهم المؤلف ; لأنه هتك إحرامه بالفعل المذكور كالطيب ، ( وعنه : بدنة ) نصره القاضي وأصحابه كالوطء ، والأول أصح ، وسواء مذى أو لم يمذ ، واللمس لشهوة كالقبلة فيما ذكرنا لكونه استمتاعا يلتذ به .
( وإن كرر النظر فأنزل ) أي : أمنى ( أو استمنى فعليه دم ) ; لأنه هتك إحرامه بذلك ، أشبه ما لو أنزل بالمباشرة ، ( وهل هو بدنة ) قدمه في " المحرر " ونص عليه ، فيما إذا أمنى بتكرار النظر ، واختاره الخرقي ، ونصره القاضي وأصحابه ; لأنه من دواعي الجماع كالقبلة ، ( أو شاة ) جزم به في " الوجيز " ; لأنه إنزال بفعل محظور فوجبت كالإنزال باللمس ( على روايتين ) هما قولان nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس ، ( وإن مذى بذلك ) أي : بتكرار النظر أو الاستمناء ( فعليه شاة ) ذكره أبو الخطاب ، وجزم به في " الشرح " والمحرر ، وقدمه في " الفروع " ; لأنه جزء من المني لكونه خارجا بسبب الشهوة ، ولأنه حصل به لذة فهو كاللمس ، وفي " الروضة " و " المستوعب " أو مذى بنظرة فكذلك . وظاهر كلام [ ص: 183 ] الأكثر خلافه ، وفي " الكافي " : لا فدية بمذي بتكرار نظر ، وجزم به في " الوجيز " قال في " الفروع " : فيتوجه منه تخريج ، ولا هدي بغيره ، وجزم به الآدمي إن مذى باستمتاعه ، وذكر القاضي رواية : يفدي بمجرد النظر أنزل أو لا ، ومراده : إن كرره ، وأخذها من نقل الأثرم فيمن جرد امرأته ، ولم يكن منه غير التجريد : عليه شاة ، وحمله في " المغني " و " الشرح " على أنه لمس ، فإن التجريد لا يخلو عن لمس ظاهر أو أنه أمنى أو أمذى إذ مجرده لا شيء فيه ; لأنه - عليه السلام - كان ينظر إلى نسائه ، وهو محرم ، وكذلك أصحابه ، ( وإن فكر فأنزل فلا فدية عليه ) لقوله - عليه السلام - : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339618إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم أو تعمل به . متفق عليه . ولأنه يعرض للمرء من غير إرادة ولا اختيار ; لأنه دون النظر ، وقال أبو حفص البرمكي ، وابن عقيل : حكمه حكم تكرار النظر إذا اقترن به الإنزال لقدرته ، وفيه شيء .
تنبيه : لم يتعرض المؤلف هنا لذكر النسيان ، وذكره في مفسدات الصوم ، والمذهب لا فرق بين العامد ، والناسي ، وقيل : لا ; لأن الوطء لا يتطرق إليه نسيان غالبا ، ويفسد العبادة أي : الصوم بمجرده ، والجاهل والمكره كالناسي ، والمرأة كالرجل مع سهوه .