فصل ويحرم صيد المدينة وشجرها وحشيشها إلا ما تدعو الحاجة إليه من شجرها للرحل والعارضة والقائمة ومن حشيشها للعلف ، ومن أدخل إليها صيدا ، فله إمساكه وذبحه ، ولا جزاء في صيد المدينة ، وعنه : جزاؤه سلب القاتل لمن أخذه وحد حرمها ما بين ثور إلى عير ، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حول المدينة اثني عشر ميلا حمى .
ولا يلزم من الحرمة الضمان ، ولا من عدمها عدمه ( وعنه : جزاؤه سلب القاتل لمن أخذه ) نقلها الأثرم ، والميموني ، وهي المنصورة عند الأصحاب من كتب الخلاف لما سبق من تحريمها كمكة ، وعن عامر بن سعد أن سعدا ركب إلى قصره [ ص: 209 ] بالعقيق فوجد عبدا يقطع شجرا ، أو يخبطه ، فسلبه ، فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم ، فقال : معاذ الله أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبى أن يرده عليهم . رواه مسلم . ولأنه يحرم لحرمة ذلك كحرم مكة والإحرام ، وسلبه : ثيابه قال جماعة : والسراويل ، زاد جماعة : وزينة كمنطقة وسوار وخاتم وآلة اصطياد ؛ لأنها آلة الفعل المحظور ، وليست الدابة منه ، بخلاف قاتل الكافر فإنه يأخذها على الأشهر لئلا يستعين بها على الحرب ، فعليها إن لم يسلبه أحد لزمه التوبة فقط ، ( وحد حرمها ) ما بين لابتيها لما روى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339639ما بين لابتيها حرام . متفق عليه . اللابة : الحرة ، وهي أرض بها حجارة سود قال أحمد : ما بين لابتيها حرام بريد في بريد ، وكذا فسره nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ، وهذا حدها من جهتي المشرق والمغرب ، ومن روى nindex.php?page=hadith&LINKID=10339640اللهم إني أحرم ما بين جبليها فالمراد به من جهتي الجنوب والشمال ، والمؤلف نفسه يقوله .
( ما بين ثور إلى عير ) لما روى علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339641حرم المدينة ما بين ثور إلى عير . متفق عليه . قال عياض : أكثر رواة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ذكروا عيرا ، فأما ثور ، فمنهم من كنى عنه بكذا ، ومنهم من ترك مكانه بياضا ، لأنهم اعتقدوا ذكر ثور خطأ قال أبو عبيد : أصل الحديث من عير إلى أحد وذكر بعضهم أن الرواية صحيحة ، وهي محمولة على أنه أراد ، حرم المدينة قدر ما بين ثور وعير من مكة ، وليس بظاهر ، ومنع nindex.php?page=showalam&ids=17095مصعب الزبيري وجودهما بالمدينة ، وليس كذلك فإن عيرا جبل معروف بها وكذا ثور ، وهو جبل خلف أحد كما أخبر به الثقات ، يؤيده الخبر الصحيح ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10339643وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حول المدينة اثني عشر ميلا حمى ) . رواه مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه .
وعنه : المدينة أفضل ، اختاره ابن حامد وغيره ، قال : في رواية أبي داود : وسئل عن المقام بمكة أحب إليك أم بالمدينة فقال : بالمدينة لمن قوي عليه ؛ لأنها مهاجر المسلمين .
وأجاب القاضي بأن فضل الخلقة لا يدل على فضل التربة ; لأن أحد الخلفاء الأربعة أفضل من غيره ، ولم يدل أن تربته أفضل قال ابن عقيل : الكعبة أفضل من الحجرة فأما من هو فيها ، فلا والله ولا العرش وحملته والجنة ؛ لأن بالحجرة جسدا لو وزن به لرجح - صلى الله عليه وسلم - ، وجزم بعض أصحابنا بأن مكة أفضل ، والمجاورة بالمدينة أفضل ، وتضاعف الحسنات والسيئات بمكان أو زمان فاضل ، ذكره جماعة ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13652الآجري أن الحسنات تضاعف ، ولم يذكر السيئات .