[ ص: 213 ] ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمرا ، أو طواف القدوم إن كان مفردا أو قارنا ، ويضطبع بردائه فيجعل وسطه تحت عاتقه الأيمن ، وطرفيه على عاتقه الأيسر ثم يبتدئ من الحجر الأسود ، فيحاذيه بجميع بدنه ، ثم يستلمه ويقبله ، وإن شاء استلمه وقبل يده ، وإن شاء ، أشار إليه ويقول : باسم الله ، والله أكبر ، إيمانا بك ، وتصديقا بكتابك ، ووفاء بعهدك ، واتباعا لسنة نبيك كلما استلمه ، ثم يأخذ على يمينه ، ويجعل البيت عن يساره فإذا أتى على الركن اليماني ، استلمه ، وقبل يده . ويطوف سبعا يرمل في الثلاثة الأول منها ، وهو إسراع المشي مع تقارب الخطا ، ولا يثب وثبا ويمشي أربعا ، وكلما حاذى الحجر والركن اليماني استلمهما ، أو أشار إليهما ، ويقول كلما حاذى الحجر : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وبين الركنين : ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، وفي سائر الطواف : اللهم اجعله حجا مبرورا ، وسعيا مشكورا ، وذنبا مغفورا ، رب اغفر وارحم ، وتجاوز عما تعلم ، وأنت الأعز الأكرم ويدعو بما أحب وليس على النساء ولا أهل مكة رمل ولا اضطباع ، وليس في غير هذا الطواف رمل ولا اضطباع ، ومن طاف راكبا أو محمولا ، أجزأه ، وعنه : لا يجزئه إلا لعذر ولا يجزئ عن الحامل وإن طاف منكسا ، أو على جدار الحجر ، أو شاذروان الكعبة ، أو ترك شيئا من الطواف ، وإن قل ، أو لم ينوه ، لم يجزئه .
( ثم يبتدئ ) بالطواف لقول عائشة nindex.php?page=hadith&LINKID=10339654إن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم مكة توضأ ، ثم طاف بالبيت . متفق عليه . ولحديث جابر . رواه مسلم ، وهو قول أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم ، ولأنه تحية ، فاستحب كتحية غيره بالركعتين ، ومحله : ما لم يذكر صلاة فرض أو فائتة ، أو تقام المكتوبة فإنه يقدمها عليه ، وكذا إن خاف فوت ركعتي الفجر أو الوتر ، أو حضرت جنازة ( بطواف العمرة إن كان معتمرا ) ; لأن الذي أمرهم - عليه السلام - بفسخ نسكهم إليها أمرهم أن يطوفوا للعمرة بدليل أنه أمرهم بالحل ، ولم يحتج إلى طواف قدوم ; لأن المقصود التحية ، وقد حصلت بفعله ( أو طواف القدوم ) ويسمى الورود ( إن كان مفردا أو قارنا ) لفعل الصحابة الذين كانوا كذلك ، لكن ذكر في " الفصول " و " الترغيب " و " المستوعب " أن ذلك بعد تحية المسجد ، والمذهب ما ذكره المؤلف . نقل حنبل : يرى لمن قدم مكة أن يطوف ؛ لأنه صلاة ، والطواف أفضل من الصلاة ، وهي بعده ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وعطاء : الطواف لأهل العراق ، والصلاة لأهل مكة ، وذكره القرافي اتفاقا بخلاف السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - لتقديم حق الله على حق الأنبياء ، وهو ظاهر كلام أصحابنا .
فائدة : قول الخرقي : ثم أتى الحجر الأسود إن كان ؛ لأن في زمنه أخذته القرامطة ، واستمر بأيديهم مدة ، ثم فتح الله بعوده ، فلو قدر - والعياذ بالله - عدمه في محله وقف مقابلا لمكانه ، واستلم الركن قال الأصحاب : لا ينتقل النسك معه كما في القران .
( ويقول : بسم الله ، والله أكبر إيمانا بك ، وتصديقا بكتابك ، ووفاء بعهدك ، واتباعا لسنة نبيك كلما استلمه ) لحديث nindex.php?page=showalam&ids=4814عبد الله بن السائب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول ذلك عند استلامه ( ثم يأخذ على يمينه ، ويجعل البيت عن يساره ) ؛ لأنه - عليه السلام - طاف كذلك ، وقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339662خذوا عني مناسككم ، ويقرب جانبه الأيسر إليه قال الشيخ تقي الدين : لأن الحركة الدورية تعتمد فيها اليمنى على اليسرى ، فلما كان الإكرام في ذلك للخارج ، جعل لليمنى ، فأول ركن به يسمى الشامي ، والعراقي وهو جهة الشام ، ثم يليه الركن الغربي والشامي ، وهو جهة المغرب ، ثم اليماني جهة اليمن ، وهو آخر ما عليه من الأركان ; لأنه يبتدئ بالركن الذي فيه الحجر الأسود ، وهو قبلة أهل خراسان .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : هذا لا يعرف ، وإنما التقبيل في الحجر الأسود . وظاهره أنه لا يستلم الركنين الآخرين ، نص عليه ، لأنهما لم يتما على قواعد إبراهيم .
( ويطوف سبعا يرمل في الثلاثة الأول منها ) لا نعلم خلافا في سنيته ؛ لأنه - عليه السلام - طاف سبعا رمل ثلاثة أشواط ، ومشى أربعا . رواه جابر وابنا عباس وعمر . متفق عليها ، وهذا كان لسبب زال ، وبقي المسبب ، ويكون الرمل من الحجر إلى الحجر في قول الأكثر ( وهو إسراع المشي مع تقارب الخطا ولا يثب وثبا ) ; لأن ذلك ليس بمشي فإذا فعله لم يكن إتيانا بالرمل المشروع فإن تمكن منه في حاشية الناس للازدحام كان أولى من الدنو من البيت ، وإن كان لا يتمكن منه أو يختلط بالنساء فالدنو أولى من التأخير ، وفي " الفصول " : لا ينتظر للرمل كما لا يترك الصف الأول لتعذر التجافي في الصلاة ، وبالجملة يطوف كيفما أمكنه ما لم يخرج من المسجد ، وسواء حال بينه وبين البيت قبة أو غيرها ، فإن ترك الرمل لم يقضه ، ولا بعضه في غيرها بل إن تركه في شوط أتى به في الاثنين الباقيين ، وفي [ ص: 217 ] اثنين أتى به في الثالث ؛ لأنه هيئة فات محلها فسقط كالجهر في الصلاة ، ( ويمشي أربعا ) لما سبق ، ( وكلما حاذى الحجر ) ونص عليه ، في " المحرر " في رمله كبر ، وذكر جماعة وهلل ، ونقل الأثرم : ورفع يديه ( والركن اليماني استلمهما ) لما روى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339665كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستلم الركن اليماني ، والحجر في كل طوفة " . رواه أبو داود ، وقال نافع كان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يفعله .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف أنه كان يقول : رب قني شح نفسي . وظاهره أنه لا يقرأ ، وهو رواية ؛ لتغليطه المصلين ، والمذهب له القراءة ، فيستحب ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=13652الآجري ، وسوى بينهما في رواية أبي داود ، واستحبها الشيخ تقي الدين بلا جهر قال القاضي وغيره : لأنه صلاة ، وفيها قراءة ودعاء ، فيجب كونها مثلها .
( وليس على النساء ، ولا أهل مكة ) ولا حامل معذور ، نص عليه ( رمل ولا اضطباع ) حكاه ابن المنذر إجماعا في النساء ؛ لأن ذلك شرع لإظهار الجلد ، وليس مطلوبا منهن ، بل إنما يقصد فيهن الستر ، وكذا أهل مكة لا رمل عليهم في قول الأكثر ؛ لأن إظهار الجلد معدوم في حقهم ، وحكم من أحرم منها حكم أهلها ، ولو كان متمتعا ، ولو عبر بقوله : ولا محرم في مكة لعم ، ولأن من لا يشرع له الرمل لا يشرع له الاضطباع ، وكذا إن طاف راكبا أو محمولا لعذر ، فلا رمل فيه ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13652الآجري يرمل بالمحمول ( وليس في غير هذا الطواف رمل ولا اضطباع ) ; لأنه - عليه السلام - وأصحابه إنما فعلوا ذلك في الطواف الأول ، وذكر القاضي وصاحب " التلخيص " : إذا تركهما به ، أو لم يسع عقب طواف القدوم أتى بهما في طواف الزيارة أو غيره ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12737ابن الزاغوني أن الرمل و الاضطباع في طواف الزيارة ، ونفاهما في طواف الوداع ( ومن طاف راكبا أو محمولا أجزأه ، وعنه : لا يجزئه إلا لعذر ) أما مع العذر فيجزئ بغير خلاف لقول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=10339669طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - على بعير يستلم الركن بمحجن . وعن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339670شكوت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أني [ ص: 219 ] أشتكي ، قال : طوفي من وراء الناس وأنت راكبة . متفق عليه . وإن كان لغير عذر ، أجزأ في رواية قدمها المؤلف وجزم بها ابن حامد ، وأبو بكر من الراكب ؛ لأن الله - تعالى - أمر بالطواف مطلقا ، ولطوافه - عليه السلام - راكبا ، لكن شرط صحته في المحمول بنيته ، وعلم منه أن الطواف راجلا أفضل بغير خلاف ، والثانية : عدم الإجزاء ، وهي الأشهر ، واختارها القاضي أخيرا ، والشريف ؛ لأنه - عليه السلام - شبه الطواف بالصلاة ، وهي لا تفعل كذلك إلا لعذر فكذا هو ، وأجابوا عن فعله - عليه السلام - بأنه كان لعذر كما هو مصرح به في رواية أبي داود ، أو ليراه الناس . قاله أحمد أو ليشرف ليسألوه ، فإن الناس غشوه ، وأخذ جماعة : أنه لا بأس للإمام الأعظم ليراه الجهال ، وعنه : يجبره بدم حكاها المؤلف . قال الزركشي . ولم أرها لغيره .
( ولا يجزئ عن الحامل ) ; لأن الطواف عبادة أدي به فرض غيره فلم يقع عن فرضه ، كالصلاة ، ولأن الحامل آلة للمحمول فكان كالراكب بخلاف حمله بعرفة ; لأن المقصود الكون فيها ، وهو حاصل لهما ، وله أحوال : منها أن ينويا جميعا عن المحمول ، أو ينوي هو دون الحامل ، فيجزئ عن المحمول لا الحامل بغير خلاف ، ومنها أن ينويا جميعا عن الحامل ، أو ينوي هو فقط فيصح له وحده .
ومنها أن ينوي كل واحد عن نفسه فيصح المحمول دون حامله جعلا له كالآلة ، وحسن المؤلف صحته لهما ؛ لأن كلا منهما طائف بنية صحيحة ، كالعمل بعرفات ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12737ابن الزاغوني ذلك احتمالا ، وفي " الفروع " قولا ، وقال أبو حفص : [ ص: 220 ] لا يجزئ عن واحد منهما ؛ لأنه لا أولوية ، والفعل الواحد لا يقع عن اثنين ، ومنها لم ينو واحد منهما ، أو نوى كل واحد منهما ، أو نوى كل واحد صاحبه ، فلا يصح لواحد منهما .
وأما ثالثا ، فلأنه لم يأت بالعدد المعتبر المستفاد من فعله - عليه السلام - .
وأما رابعا ، فلقوله nindex.php?page=hadith&LINKID=10338309إنما الأعمال بالنيات ، ولا عمل إلا بنية ، والطواف بالبيت صلاة ، ولأنه عبادة محضة تتعلق بالبيت ، فاشترط له النية كالصلاة ، ونوه كلامه أنه إذا طاف في المسجد من وراء حائل أنه يصح ، وصرح بعضهم بخلافه ، وإن طاف على سطحه توجه الإجزاء لصلاته إليها ، وكذا إن قصد في طوافه غريما ، وقصد معه طوافا بنية حقيقية لا حكمية قال في " الفروع " : ويتوجه احتمال كعاطس قصد بحمده قراءة ، وفي الإجزاء عن فرض القراءة وجهان .