فصل ثم يرجع إلى منى ، ولا يبيت بمكة ليالي منى ، ويرمي الجمرات بها في أيام التشريق بعد الزوال ، كل جمرة بسبع حصيات فيبدأ بالجمرة الأولى ، وهي أبعدهن من مكة وتلي مسجد الخيف فيجعلها عن يساره ويرميها بسبع حصيات ، ثم يتقدم قليلا فيقف يدعو الله - تعالى - ويطيل ، ثم يأتي الوسطى ، فيجعلها عن يمينه ، ويرميها بسبع ويقف عندها فيدعو ، ثم يرمي جمرة العقبة بسبع ويجعلها عن يمينه ويستبطن الوادي ولا يقف عندها ، ويستقبل القبلة في الجمرات كلها ، والترتيب شرط في الرمي ، وفي عدد الحصى روايتان ، إحداهما : سبع ، والأخرى : يجزئه خمس فإن أخل بحصاة واجبة من الأولى ، لم يصح رمي الثانية ، فإن لم يعلم من أي الجمرات تركها ، بنى على اليقين . وإن أخر الرمي كله ، فرماه في آخر أيام التشريق ، أجزأه ، ويرتبه بنيته ، وإن أخره عن أيام التشريق أو ترك المبيت بمنى من لياليها ، فعليه دم وفي حصاة أو ليلة واحدة ما في حلق شعرة ، وليس على أهل سقاية الحاج والرعاء مبيت بمنى . فإن غربت الشمس وهم بمنى ، لزم الرعاء المبيت دون أهل السقاية ويخطب الإمام في اليوم الثاني من أيام التشريق خطبة يعلمهم فيها حكم التعجيل والتأخير وتوديعهم ، فمن أحب أن يتعجل في يومين ، خرج قبل غروب الشمس فإن غربت وهو بها ، لزمه المبيت والرمي من الغد .
( والترتيب شرط في الرمي ) يعني يبدأ بالجمرة الأولى ، ثم بالتي تليها ; لأنه نسك يتكرر فكان الترتيب شرطا فيه كالسعي ، فلو نكس فبدأ بجمرة ، ثم الثانية ثم الأولى ، أو بدأ بالوسطى ، لم يجزئه إلا الأولى ، وأعاد الوسطى والقصوى ، نص عليه ( وفي عدد الحصى روايتان إحداهما : سبع ) وهي المذهب لفعله - عليه السلام - في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، وعائشة ، وفعله خرج بيانا لصفة الرمي المشروع ( والأخرى : يجزئه خمس ) إذ الأكثر يعطى حكم الكل ، وقد ثبت عن الصحابة التساهل في البعض . وعنه : ست ، لما روى سعد قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339745رجعنا من الحجة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعضنا يقول : رميت بست ، وبعض يقول : رميت بسبع فلم يعب بعضنا على بعض . رواه الأثرم . وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر [ ص: 252 ] معناه ( فإن أخل بحصاة واجبة من الأولى ، لم يصح رمي الثانية ) لإخلاله بالترتيب المشترط ، فلو كانت غير واجبة لم يؤثر ( فإن لم يعلم من أي الجمرات تركها بنى على اليقين ) ليتيقن براءة ذمته كما لو شك هل صلى ثلاثا أم أربعا ( وإن أخر الرمي كله ) ومن جملته رمي يوم النحر ( فرماه في آخر أيام التشريق أجزأه ) ; لأنه وقت الرمي فإذا أخره إلى آخر وقته لم يلزمه شيء كما لو أخر الوقوف بعرفة إلى آخر وقته ، لكنه ترك السنة ، ويكون أداء ; لأنه وقت واحد ، وقيل : قضاء ، وحمله القاضي على الفعل لقوله - تعالى - ثم ليقضوا تفثهم [ الحج : 29 ] ، فلو أخر رمي يوم إلى الغد رمى رميين ، نص عليه ، ( ويرقبه بنيته ) ومعناه أن ينوي الأول فالأول ; لأن الرمي في أيام التشريق عبادات يجب الترتيب فيها مع فعلها في أيامها ، فوجب ترتيبها كالمجموعتين والفوات في الصلوات .
( وإن أخره عن أيام التشريق ) فعليه دم لقول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ولأنه ترك نسكا واجبا كما لو أخر الإحرام عن الميقات ، ولا يأتي به كالبيتوتة بمنى ( أو ترك المبيت بمنى من لياليها فعليه دم ) ، اختاره الأكثر لوجوبه ، ولقول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339746لم يرخص النبي - صلى الله عليه وسلم - لأحد يبيت بمكة إلا العباس من أجل سقايته . رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ، وعنه : لا يجب ، اختاره أبو بكر ، لقول ابن عباس : إذا رميت الجمرة فبت حيث شئت ، ولأنه قد حل من حجه فلم يجب عليه المبيت بموضع معين . ( وعنه : يتصدق بشيء ) نقله الجماعة ، قاله القاضي ، ( وفي حصاة أو ) مبيت ( ليلة واحدة ما في حلق شعرة ) على الخلاف أما أولا فظاهر نقل الأثرم يتصدق بشيء قاله القاضي ، وعنه : عمدا ، وعنه : عليه دم ، قطع به في " المحرر " وهو خلاف نقل الجماعة ، والأصحاب . وعنه : في ثنتين كثلاث في المنصوص .
[ ص: 253 ] وعنه : واحدة هدر ، وعنه : وثنتان ، وأما ثانيا ، فذكر جماعة أنه يلزمه دم ، وعنه : كشعرة ; لأنها ليست نسكا بمفردها ، بخلاف مزدلفة ، قاله القاضي ، وعنه : لا يجب شيء .
فائدة : أهل السقاية هم الذين يسقون على زمزم ، والرعاء بضم الراء ، وهاء في آخره ، وبكسر الراء ممدودا بلا هاء ، وهي لغة القرآن .
( فإن غربت الشمس وهم بمنى ، لزم الرعاء المبيت ) ; لأن ترك المبيت بها إنما كان للحاجة فإذا غربت زالت حاجة الرعاء ; لأن وقته النهار ، وصار كالمريض الذي سقط عنه حضور الجمعة لمرضه ، فإذا حضرها تعينت عليه ( دون أهل السقاية ) لأنهم يسقون ليلا ونهارا .