ويتعين الهدي بقوله : هذا هدي ، أو تقليده ، أو إشعاره مع النية ، والأضحية بقوله : هذه أضحية . ولو نوى حال الشراء ، لم يتعين بذلك ، وإذا تعينت ، لم يجز بيعها ، ولا هبتها إلا أن يبدلها بخير منها ، وقال أبو الخطاب : لا يجوز أيضا . وله ركوبها عند الحاجة ، ما لم يضر بها ، فإن ولدت ، ذبح ولدها معها ولا يشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها ، ويجز صوفها ووبرها ، ويتصدق به إن كان أنفع لها .
( ويتعين الهدي بقوله : هذا هدي ) ; لأنه لفظ يقتضي الإيجاب فوجب أن يترتب عليه مقتضاه ( أو تقليده أو إشعاره مع النية ) وبه قال : النووي [ ص: 286 ] وإسحاق ; لأن الفعل مع النية كاللفظ إذا كان الفعل دالا على المقصود ، كمن بنى مسجدا ، وأذن للناس في الصلاة فيه ، ولم يذكر في " الكافي " النية قال في " الفروع " : وهو أظهر ، وقدم في " المستوعب " و " الرعاية " أنه لا يتعين إلا بالقول ( والأضحية بقوله : هذه أضحية ) كالهدي وكالعتق ، وكذا يتعين بقوله هذا لله فيهما ; لأنه دال عليه ( ولو نوى حال الشراء لم يتعين بذلك ) ; لأنه إزالة ملك على وجه القربة ، فلم تؤثر فيه النية المقارنة للشراء كالعتق والوقف ، وقال المجد : ظاهر كلام أحمد أنها تصير أضحية إذا اشتراها بنيتها كما يتعين الهدي بالإشعار .
[ ص: 287 ] ( إلا أن يبدلها بخير منها ) نص عليه ، اختاره الخرقي والمؤلف وصاحب " المنتخب " نظرا لمصلحة الفقراء ، ولأنه بلا ريب عدل عن المعين إلى خير منه في حقه ، فجاز كما لو أخرج حقة عن بنت لبون . وظاهره أنه لا يجوز بدونها لما فيه من تفويت حرمتها ، ولا بمثلها ، واختاره الخرقي وغيره ، لعدم الفائدة . والثاني : يجوز ; لأن الواجب لم ينقص ، وحيث جاز بيعها ، فهل ذلك لمن يضحي كما قاله الشيرازي ، وصاحب " التلخيص " أو مطلقا كما هو ظاهر كلام القاضي ؛ فيه قولان ، وعليهما يشتري خيرا منها قاله أبو بكر ، وحكى المؤلف عن القاضي أنه يجوز شراء مثلها ( وقال أبو الخطاب : لا يجوز أيضا ) لما روى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339790أهدى عمر نجيبا فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني أهديت نجيبا فأبيعها وأشتري بثمنها بدنا ؛ قال : لا انحرها . رواه أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري في " تاريخه " ولأنه نوع تصرف ، فلم يجز كالبيع ، والخلاف مبني على أصل ، وهو أنه إذا أوجب أضحية ، لم يزل ملكه عنها ، نص عليه ، وهو قول الأكثر ، وقال أبو الخطاب : يزول فعلى هذا لو عينه ، ثم علم عيبه لم يملك الرد ، ويملكه على الأول ، وعليهما إن أخذ أرشه ، فهل هو له أو لزائد على القيمة ؛ فيه وجهان . ولو بان مستحقا بعد تعيينه ، لزمه بدله ، نقله علي بن سعيد قال في " الفروع " : ويتوجه فيه كأرش .
فرع : إذا عينها ، ثم مات ، وعليه دين لم يجز بيعها فيه مطلقا خلافا nindex.php?page=showalam&ids=13760للأوزاعي .
مسألة : إذا كان هديا ، وتعذر حمله وسوقه فكهدي عطب ( ولا يشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها ) لما ذكرنا ، ولأن شرب الفاضل لا يضر بها ، ولا بولدها فكان كالركوب ، بخلاف شرب غير الفاضل فإنه يحرم للضرر ، ويتعذر به فإن شربه ، ضمنه لتعديه بأخذه ( ويجز صوفها ووبرها ويتصدق به إن كان أنفع لها ) مثل كونه في زمن الربيع فإنه تخف بجزه ، وتسمن ; لأنه لمصلحتها ، ويتصدق به كما بعد الذبح ، زاد في " المستوعب " ندبا ، وفي " الروضة " : يتصدق به إن كانت نذرا . وظاهره إذا كان بقاؤه أنفع لها لكونه يقيها البرد أو الحر أو كان لا يضر بهما لقرب مدة الذبح ، لم يجز كأخذ بعض أعضائها .