والمرجع في الخراج والجزية إلى اجتهاد الإمام في الزيادة والنقصان على قدر الطاقة ، وعنه : يرجع إلى ما ضربه عمر - رضي الله عنه - لا يزاد ولا ينقص ، وعنه : تجوز الزيادة دون النقص . قال أحمد وأبو عبيد : أصح وأعلى حديث في أرض السواد حديث عمرو بن ميمون يعني أن عمر وضع على كل جريب درهما وقفيزا وقدر القفيز ثمانية أرطال بالمكي ، فيكون ستة عشر رطلا بالعراقي ، والجريب : عشر قصبات في عشر قصبات ، والقصبة : ستة أذرع وهو ذراع وسط وقبضة وإبهام قائمة . وما لا يناله الماء مما لا يمكن زرعه ، فلا خراج عليه فإن أمكن زرعه عاما بعد عام ، وجب نصف خراجه في كل عام .
( والمرجع في الخراج والجزية إلى اجتهاد الإمام في الزيادة والنقصان ) . قال الخلال : رواه الجماعة ؛ وعليه مشايخنا ، لأنه مصروف في المصالح ، فكان مفوضا إلى اجتهاد الإمام . ( على قدر الطاقة ) فيضرب على كل أرض وإنسان ما يطيقه ويحتمله ؛ لأن ذلك يختلف . ( وعنه : يرجع إلى ما ضربه عمر رضي الله عنه لا يزاد ولا ينقص ) لأن اجتهاد عمر أولى من قول غيره ، كيف ولم ينكره أحد من الصحابة مع شهرته ، فكان كالإجماع ( وعنه : تجوز الزيادة ) في الخراج ( دون النقص ) لما روى عمرو بن ميمون أنه سمع عمر يقول لحذيفة nindex.php?page=showalam&ids=5541وعثمان بن حنيف : لعلكما حملتما الأرض ما لا تطيق ، فقال عثمان : والله لو زدت عليهم لأجهدتهم ، فدل على إباحة الزيادة ما لم يجهدهم ، ولأنه ناظر في مصالح المسلمين كافة ، فجاز فيه دون النقصان ، وعنه : جوازها في الخراج دون الجزية ، اختارها الخرقي والقاضي ، وقال : نقله الجماعة ، وصححه في " المحرر " ؛ لأن الخراج في معنى الأجرة ، بخلاف الجزية ، فإن المقصود منها الإذلال ، فهي في معنى العقوبة ، فلم تتغير كالحدود ، وعنه : جوازها فيهما إلا جزية أهل اليمن ، لا يخرج عن الدينار فيها . اختاره أبو بكر ؛ لأنه - عليه السلام - قررها عليهم كذلك . ( قال أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد ) القاسم بن سلام ( أصح وأعلى حديث في أرض السواد حديث عمرو بن ميمون يعني أن عمر وضع على كل جريب درهما وقفيزا ) أي : على جريب الزرع درهما وقفيزا من طعامه ، وعلى جريب النخل ثمانية دراهم [ ص: 381 ] وعلى جريب الكرم عشرة دراهم ، وعلى جريب الرطبة ستة دراهم ، هذا هو الذي وظفه عمر في أصح الروايات عنه . وروى عنه أبو عبيد أنه بعث nindex.php?page=showalam&ids=5541عثمان بن حنيف لمساحة أرض السواد ، فضرب على جريب الزيتون اثني عشر درهما ، وعلى جريب الكرم عشرة دراهم ، وعلى جريب النخل ثمانية دراهم ، وعلى جريب الرطبة ستة دراهم ، وعلى جريب الحنطة أربعة دراهم ، وعلى جريب الشعير درهمين ، والروايات مختلفة في ذلك ، فالأخذ بالأعلى والأصح أولى . ( وقدر القفيز ثمانية أرطال بالمكي ) نص عليه ، واختاره القاضي ؛ لأن الرطل العراقي لم يكن ، وإنما كان المكي ، وهو رطلان ( فيكون ستة عشر رطلا بالعراقي ) وقال أبو بكر : قد قيل : قدره ثلاثون رطلا ، وقدم في " المحرر " أن القفيز ثمانية أرطال صاع عمر ؛ فغيره الحجاج ، نص عليه ، وذلك ثمانية أرطال بالعراقي ؛ لأنه هو القفيز الذي كان معروفا بالعراق ، وهو المسمى بالقفيز الحجاجي ، وينبغي أن يكون من جنس ما تخرجه الأرض حنطة أو شعيرا ، ذكره في " الكافي " و " الشرح " ( والجريب عشر قصبات في عشر قصبات ) أي : مائة قصبة مكسرة ، ومعنى الكسر : ضرب أحد العددين في الآخر ، فيصير أحدهما كسرا للآخر . والقصبة : هي المقدار المعلوم الذي يمسح به المزارع ، كالذراع للبز ، واختير القصب على غيره ؛ لأنه لا يطول ولا يقصر ، وهو أخف من الخشب . ( والقصبة ستة أذرع ) بالذراع العمرية أي : بذراع عمر ، وهو ذراع وسط ، والمعروف بالذراع الهاشمية ، سماه المنصور به ( وهو ذراع وسط ) أي : بيد الرجل المتوسط الطول . ( وقبضة وإبهام قائمة ) وهو معروف بين الناس .
( وما لا يناله الماء ) أي : ماء السقي ( مما لا يمكن زرعه ، فلا خراج عليه ) [ ص: 382 ] ؛ لأن الخراج أجرة الأرض ، وما لا منفعة فيه لا أجر له ، وعنه : يجب على ما أمكن زرعه بماء السماء ؛ لأن المطر يربي زرعها في العادة . قال ابن عقيل : وكذا إذا أمكن سقيها بالدواليب ، وإن أمكن إحياؤه فلم يفعل - وقيل : أو زرع ما لا ماء له ؛ فروايتان ، وفي " الواضح " روايتان فيما لا ينتفع به مطلقا ، والمذهب أن الخراج لا يجب إلا على ما يسقى وإن لم يزرع . ( فإن أمكن زرعه عاما بعد عام وجب نصف خراجه في كل عام ) لأن نفع الأرض على النصف فكذا الخراج في مقابلة النفع ، وهو معنى كلامه في " المحرر " : ما زرع عاما ، وأريح آخر عادة ، وفي " الترغيب " " كالمحرر " وفيه : يؤخذ خراج ما لم يزرع عن أقل ما يزرع ، وإن البياض بين النخل ليس فيه إلا خراجها ، فإن ظلم في خراجه ، لم يحتسبه من العشر ؛ لأنه ظلم ، وعنه : بلى ؛ لأن الآخذ لهما واحد ، اختاره أبو بكر .
فرع : إذا يبس الكرم بجراد أو غيره ، سقط من الخراج حسبما تعطل من النفع ، وإذا لم يمكن النفع به ببيع أو إجارة أو غيرها ، لم تجز المطالبة . ذكره الشيخ تقي الدين .