[ ص: 424 ] ويمنعون من الإقامة بالحجاز ، كالمدينة واليمامة وخيبر ، فإن دخلوا لتجارة ، لم يقيموا في موضع واحد أكثر من أربعة أيام ، وإن مرض لم يخرج حتى يبرأ ، وإن مات دفن به . ولا يمنعون من تيماء وفيد ونحوهما . وهل لهم دخول المساجد بإذن مسلم ؛ على روايتين .
( ويمنعون من الإقامة بالحجاز ) قيل : هو ما بين اليمامة والعروض ، وبين اليمن ونجد ، وسمي به ؛ لأنه حجز بين تهامة ونجد ( كالمدينة ) وقيل : نصفها تهامي ، ونصفها حجازي ( واليمامة ) وسمي العروض ، وكان اسمها حجرا ، فسميت اليمامة باسم امرأة ، وقال ابن الأثير : اليمامة : الصقع المعروف شرقي الحجاز ، وهذا يقتضي أن لا يكون من الحجاز ، وفيه تكلف ( وخيبر ) شرقي المدينة ، لما روى nindex.php?page=showalam&ids=5أبو عبيدة بن الجراح أن آخر ما تكلم به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339928أخرجوا اليهود من الحجاز . رواه أحمد . وقال عمر : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول nindex.php?page=hadith&LINKID=10339929لأخرجن اليهود من جزيرة العرب فلا أترك فيها إلا مسلما . رواه الترمذي ، وقال : حسن صحيح . والمراد : الحجاز ، بدليل أنه ليس أحد من الخلفاء أخرج أحدا من اليمن ، وتيماء ، قال أحمد : جزيرة العرب المدينة ، وما والاها ، وكذا الينبع وفدك ، ومخاليفها معروف باليمن تسمى بها القرى المجتمعة كالرستاق في غيرها ، وقال الشيخ تقي الدين : تبوك ونحوها ، وما دون المنحنى ، وهو عقبة الصوان من الشام كمعان . ولهم دخوله ، والأصح : بإذن إمام لتجارة ( فإن دخلوا لتجارة لم يقيموا في موضع واحد أكثر من أربعة أيام ) . قاله القاضي ؛ لأن الزائد على الأربعة حد يتم به المسافر ، فصار كالمقيم . والمذهب أنهم لا يقيمون فوق ثلاثة أيام ؛ لأن عمر أذن لمن دخل تاجرا إقامة ثلاثة أيام ، فدل على المنع في الزائد ، فإن كان له دين حال ، أجبر غريمه على وفائه ، فإن تعذر ، جازت الإقامة لذلك ، فإن كان مؤجلا ، لم يمكن ، ويوكل . ( وإن مرض لم يخرج حتى يبرأ ) لأن الانتقال يشق على المريض فهو يقيم ضرورة . ( وإن مات دفن به ) لأنه موضع حاجة ، وفيه وجه : كالحرم .
[ ص: 425 ] ( ولا يمنعون من تيماء وفيد ) بفتح الفاء وياء مثناة بعدها دال ، وهي من بلاد طيء . ( ونحوهما ) لما مر أن أحدا من الخلفاء لم يخرج أحدا من ذلك . ( وهل لهم دخول المساجد ) أي : مساجد الحل ( بإذن مسلم ؛ على روايتين ) .
إحداهما : وهي المذهب : المنع ؛ لأن عليا بصر بمجوسي ، وهو على المنبر في المسجد ، فنزل وضربه وأخرجه ، وهو قول عمر ، ولأن حدث الجنابة والحيض يمنع ، فالشرك أولى .
والثانية : يجوز بإذن مسلم ، صححها في " الكافي " و " الشرح " وجزم به في " الوجيز " ، لما روى أحمد بإسناد جيد ، عن الحسن ، عن nindex.php?page=showalam&ids=61عثمان بن أبي العاص أن ، وفد ثقيف قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزلهم المسجد قبل إسلامهم ، ليكون أرق لقلوبهم ، وكاستئجاره لبنائه ، ولا سيما لمصلحة . وظاهر كلام القاضي : يجوز ليسمعوا الذكر ، فترق قلوبهم ويرجى إسلامهم ، وقال أبو المعالي : إن شرط المنع في عقد ذمتهم منعوا ، وإن كان جنبا ، فوجهان ، فلو قصدوها بأكل ونوم ؛ منعوا . ذكره في الأحكام السلطانية . وقد روي ما يدل على التفرقة بين الكتابي وغيره .
تذنيب : يجوز عمارة كل مسجد وكسوته وإشعاله بمال كل كافر ، وأن يبنيه بيده . ذكره في " الرعاية " وغيرها ، وهو ظاهر كلامهم في وقفه عليه ووصيته له ؛ فتكون على هذا العمارة في الآية دخوله وجلوسه فيه ، يدل عليه خبر أبي سعيد مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339930إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان فإن الله - تعالى - يقول إنما يعمر مساجد الله الآية [ التوبة : 18 ] . رواه أحمد وغيره . وفي " الفنون " : واردة على سبب ، وهي عمارة المسجد الحرام فظاهره المنع فيه فقط [ ص: 426 ] لشرفه ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في تفسيره أنه يمنع من بنائه وإصلاحه ، ولم يخص مسجدا ، بل أطلق ، وقاله طائفة من العلماء .