فصل : وأما ربا النسيئة فكل شيئين ليس أحدهما ثمنا علة ربا الفضل فيهما واحدة كالمكيل بالمكيل ، والموزون بالموزون لا يجوز النساء فيهما ، وإن تفرقا قبل التقابض بطل العقد ، وإن باع مكيلا بموزون جاز التفرق قبل القبض ، وفي النساء روايتان .
فصل
( وأما ربا النسيئة ) فقال : النساء بالمد هو التأخير ، يقال : نسأت الشيء ، وأنسأته أخرته ، ثم أشار إلى معناه الخاص هنا ، فقال : ( فكل شيئين ) أي : جنسين ( ليس أحدهما ثمنا ) يحترز به عما إذا كان أحد العوضين من الأثمان [ ص: 148 ] والآخر من غيرهما ، فإنه يجوز النساء بينهما بغير خلاف ؛ لأن الشارع أرخص في السلم ، والأصل في رأس ماله النقدان ، فلو حرم النساء فيه لانسد باب السلم في الموزونات غالبا إلا صرف فلوس نافقة بنقد فيشترط فيه الحلول ، والقبض . ونقل ابن منصور : لا ، اختاره ابن عقيل والشيخ تقي الدين . قال في " الرعاية " : في جواز السلم فيها بنقد مقبوض وجهان ( علة ربا الفضل فيهما واحدة كالمكيل بالمكيل ، والموزون بالموزون ) هذا على الصحيح من المذهب ومن جعل العلة الثمنية والطعم ، فيمثل بالطعم ، ولم يحتج إلى قوله : ليس أحدهما ثمنا ؛ لأن الثمنية لا تتعدى إلى غير النقدين ومن جعلها الوزن والطعم ، أو هو والكيل ، فيمثل بالتمر ونحوه ( لا يجوز النساء فيهما ) بغير خلاف نعلمه . قاله في " الشرح " لقوله عليه السلام : في حديث أبي سعيد ، nindex.php?page=hadith&LINKID=10340028ولا تبيعوا منها غائبا بناجز ولقوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340029البر بالبر ربا إلا هاء وهاء إلى آخره ومعناها على اختلاف لغاتها خذ وهات في الحال كـ " يدا بيد " ( وإن تفرقا قبل التقابض بطل العقد ) ، نص عليه لقوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340030إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدا بيد . والمراد به القبض ، ولأنهما مالان من أموال الربا علتهما متفقة فحرم التفرق قبل القبض كالصرف ( وإن باع مكيلا ) كالبر ( بموزون ) كاللحم ( جاز التفرق قبل القبض ) رواية واحدة . قاله أبو الخطاب ، لأن علتهما مختلفة ، فلم يشترط القبض قبل التفرق كالثمن بالثمن وظاهر كلام الخرقي وجوب التقابض ، وصرح به ابن عبدوس على رواية منع النساء ، وهو ظاهر حديث عبادة ( وفي [ ص: 149 ] النساء روايتان ) ، وكذا في " الفروع " أحدهما : لا يجوز ، اختاره الخرقي وصاحب " الوجيز " ؛ لأنهما من أموال الربا ليس أحدهما نقدا فحرم النساء فيهما كالمكيل بمثله ، والثانية : يجوز قدمه في " المحرر " ؛ لأنهما لم يجتمعا في أحد وصفي علة ربا الفضل أشبه الثياب بالحيوان ، وذكرهما جماعة فيما إذا اختلفا في العلة ، أو كان أحدهما غير ربوي ، قال في " الشرح " : وعند من يعلل بالطعم لا يجيزه هنا وجها واحدا .