فصل ومن باع نخلا مؤبرا ، وهو ما تشقق طلعه فالثمر للبائع متروكا في رءوس النخل إلى الجداد إلا أن يشترطه المبتاع وكذلك الشجر إذا كان فيه ثمر باد كالعنب ، والتين ، والتوت ، والرمان ، والجوز ، وما ظهر من نوره كالمشمش والتفاح ، والسفرجل ، واللوز ، وما خرج من أكمامه كالورد ، والقطن ، وما قبل ذلك فهو للمشتري ، والورق للمشتري بكل حال ، ويحتمل في ورق التوت المقصود أخذه أنه وإن تفتح فهو للبائع ، وإن كان حبا فهو للمشتري ، وإن ظهر بعض الثمرة فهو للبائع ، وما لم يظهر فهو للمشتري ، وقال ابن حامد : الكل للبائع ، وإن احتاج الزرع أو الثمرة إلى سقي لم يلزم المشتري ، ولم يملك منع البائع منه .
فصل
( ومن باع نخلا مؤبرا ، وهو ما تشقق طلعه فالثمر للبائع متروكا في رءوس النخل إلى الجداد إلا أن يشترطه المبتاع ) كذا ذكره أكثر الأصحاب لما روى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340038سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من باع نخلا مؤبرا فثمرتها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع . متفق عليه وأصل التأبير التلقيح ، وهو وضع الذكر ، وليس بمراد بالتشقق ، إذ الحكم منوط به ، وإن لم يلقح لصيرورته في حكم عين أخرى ، وإنما نص على التأبير لملازمته التشقق غالبا ، فعلى هذا إذا وقع البيع على نخل مثمر ، ولم يشترط الثمرة وكانت مؤبرة فهي للبائع ، وإن كانت غير مؤبرة فهي للمشتري ، وعنه : الحكم منوط بالتأبير لا بالتشقيق ، وهو ظاهر الخبر فبعده للبائع وقبله للمشتري ، ذكره ابن أبي موسى ونصره الشيخ تقي الدين ، وهو المختار ، وعلى القول بأنها للبائع لا يلزمه قطعها في الحال ، إذ التفريع جار على العرف فيترك إلى تناهي حلاوته إلا أن تجري العادة بأخذه بسرا ، أو يكون بسره خيرا من رطبه ، فإنه يجده حين استحكام حلاوة [ ص: 163 ] بسره ، ولو كان بقاؤه خيرا له ، كما سلف ، وقيل : يلزمه قطع الثمرة لتضرر الأصل ، وهذا إذا لم يشرطه المبتاع ، فإن شرطه دخل بخلاف وقف ووصية ، فإن الثمرة تدخل فيهما ، نص عليه كفسخ بعيب ومقايلة في بيع ورجوع أب في هبة . قاله في " المغني " ، ولم يتعرض المؤلف لبيان تأبير البعض ، والنخلة الواحدة إذا أبر بعضها ، فإن الجميع للبائع اتفاقا .
فرع : كل عقد معاوضة يجري مجرى البيع في أن الثمرة المؤبرة تكون لمن انتقل عنه الأصل ، وغير المؤبرة لمن انتقل إليه ، وإن انتقل بغير عوض ، فإنه في الفسخ يتبع الأصل سواء أبر أو لا ، وفي الهبة والرهن يتبع قبل التأبير دون ما بعده .
فائدتان : الأولى : طلع الفحال يراد للتلقيح كطلع الإناث ، وقيل : للبائع سواء تشقق طلعه أم لا .
الثانية : يصح شرط بائع ما لمشتر ، ولو قبل تأبير ولبعضه خلافا لابن القاسم المالكي ( وكذلك الشجر إذا كان فيه ثمر باد ) أي : ظاهر ( كالعنب ، والتين ، والتوت ، والرمان ، والجوز ) ؛ لأن بدو ذلك من شجره بمنزلة ظهور الرطب من طلعه ، فإن اختلفا قدم قول بائع إنه بدا وظهر ، وفي " الفروع " ويتوجه وجه من واهب ادعى شرط ثواب ، وقال القاضي : فيما يظهر من قشرين كالجوز ، واللوز إن تشقق الأعلى فهو للبائع ، وإلا فهو للمشتري .
( وما ظهر من نوره ) أي : زهره على أي لون كان ( كالمشمش ) بكسر [ ص: 164 ] الميم الأولى ( والتفاح ، والسفرجل ، واللوز ) ، والإجاص ، والخوخ للبائع ، وما لم يظهر فهو للمشتري ، وقال القاضي : ما يتناثر نوره كتفاح ، وفي " المغني " ، وعنب يمتنع دخوله بتناثر نوره أي : للبائع بظهور نوره ؛ لأن الطلع إذا تشقق كان كنور الشجر ، والأول أولى ؛ لأن ما في الطلع هو عين بخلاف النور ، فإنه يتساقط ، والثمر غيره ( وما خرج من أكمامه ) واحده كم ، وهو الغلاف وأكثر ما يستعمل في وعاء الطلع ( كالورد ، والقطن ) ، والبنفسج ، والياسمين أي : هو للبائع ؛ لأن خروجه من أكمامه بمنزلة ظهور الثمرة من الطلع ( وما قبل ذلك فهو للمشتري ) ؛ لأن ذلك يتبع الأصل ، فوجب أن يكون للمشتري كالأصل ( والورق للمشتري بكل حال ) كالأغصان ( ويحتمل في ورق التوت ) ، وهو الفرصاد . قاله nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي ، وقيل : الفرصاد اسم للثمرة ، والتوت اسم للشجرة ( والمقصود أخذه أنه وإن تفتح فهو للبائع ) كالثمرة ؛ لأنه يقصد لتربية القز ( وإن كان حبا ) أي : لم يتفتح ( فهو للمشتري ) هذا في المواضع التي عادتهم أخذ الورق ، فإن لم يكن لهم عادة كان للمشتري كسائر الورق ( وإن ظهر بعض الثمرة ) ، أو تشقق طلع بعض النخل ( فهو للبائع ، وما لم يظهر فهو للمشتري ) ، نص عليه ؛ لأن الخبر دل بمنطوقه على أن المؤبر للبائع وبمفهومه على أن ما لم يؤبر للمشتري ( وقال ابن حامد الكل للبائع ) وحكاه في " الانتصار " رواية ؛ لأنه لو لم يجعل له لأدى إلى الإضرار بسوء المشاركة ، إذ الباطن يتبع الظاهر كأساسات الحيطان وكشجرة ، وهذا الخلاف في النوع الواحد ؛ لأن الظاهر أنه يتفاوت ، ولم يفرق [ ص: 165 ] أبو الخطاب بين النوع ، والجنس ، فلو أبر الكل إلا نخلة فأفردها بالبيع ففي أيهما له وجهان ، وفي الواضح ما لم يبد من ثمره شجرة لمشتر ، وذكره أبو الخطاب ظاهر كلام أبي بكر كحدوث طلع بعد تأبيرها ، أو بعضها ، ذكره في " المغني " ؛ لأنه لا اشتباه لبعد ما بينهما وظاهر كلام غيره لا فرق .
فرع : باع حائطين أبر أحدهما لم يتبعه الآخر ؛ لأن لكل حكم نفسه .
( وإن احتاج الزرع ) المبقى ( أو الثمرة ) المبقاة ( إلى سقي لم يلزم المشتري ) ؛ لأنه لا يلزمه تسليم ذلك إليه لكون أن البائع لم يملكها من جهته بخلاف ما لو كانت الثمرة للمشتري على أصل البائع ، فإنه يلزمه السقي ؛ لأنه يلزمه تسليمها إليه ( ولم يملك منع البائع منه ) ؛ لأن ذلك مما يبقى فلزمه تمكينه منه كتركه على الأصول ، وظاهره وإن أضر بصاحبه ، صرح به جماعة ؛ لأنه دخل في العقد على ذلك ، وظاهره أنه إذا أراد سقيها لغير حاجة فللمشتري منعه منه ؛ لأن سقيه يتضمن التصرف في ملك غيره ، والأصل المنع ، والمذهب أن لكل واحد السقي من ماله لمصلحة ، فإن اختلفا في ذلك رجع إلى قول أهل الخبرة .