الفصل الثالث : أن يذكر قدره بالكيل ، والوزن في الموزون ، والذرع في المذروع ، فإن أسلم في المكيل وزنا ، وفي الموزون كيلا لم يصح ، وعنه : يصح ، ولا بد أن يكون المكيال معلوما ، فإن شرط مكيالا بعينه أو صنجة بعينها لم يصح ، وفي المعدود المختلف غير الحيوان روايتان إحداهما : يسلم فيه عددا ، والأخرى : وزنا ، وقيل : يسلم في الجوز ، والبيض عددا ، وفي الفواكه ، والبقول وزنا .
( الثالث : أن يذكر بالكيل في المكيل ، والوزن في الموزون ) لما روى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340053من أسلف في ثمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم . متفق عليه ولفظه لمسلم ( والذرع في المذروع ) أي : يشترط معرفة قدر المسلم فيه بالذرع إن كان مذروعا ، وكذا المعدود ؛ لأنه عوض غائب يثبت في الذمة فاشترط معرفة قدره كالثمن ( فإن أسلم في المكيل وزنا ، وفي الموزون كيلا لم يصح ) ، نص عليه في رواية الأثرم في المكيل لا يسلم فيه وزنا ؛ لأنه مبيع يشترط معرفة قدره ، فلم يجز بيعه بغير ما هو مقدر به في الأصل كبيع الربويات ، ولأنه قدره بغير ما هو مقدر به ، فلم يجز ، كما لو أسلم في المذروع وزنا وبالعكس ، فإنه لا يصح اتفاقا ( وعنه : يصح ) نقلها المروذي ، وجزم بها في " الوجيز " ، وصححها في " المغني " ، و " الشرح " ويحتمله كلام الخرقي ، لأن الغرض معرفة قدره وإمكان تسليمه من غير تنازع فبأي قدر قدره جاز بخلاف الربويات ، فإن التماثل فيها شرط وأطلقهما في " المحرر " ، و " الفروع " ( ولا بد أن يكون المكيال معلوما ) عند العامة ؛ لأنه إذا كان مجهولا تعذر الاستيفاء به عند التلف وذلك مخل بالحكمة التي اشترط معرفة الكيل من أجلها ، وكذا الصنجة ، والذراع ( فإن شرط مكيالا بعينه ) [ ص: 188 ] أي : غير معلوم ( أو صنجة بعينها ) غير معلومة ( لم يصح ) ؛ لأنه قد يهلك فيتعذر معرفة المسلم فيه ، وهو غرر وحكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه ، وظاهره أنه إن كان معلوما لم يصح التعيين في الأصح ، وفي فساد العقد وجهان أظهرهما صحته ( وفي المعدود المختلف غير الحيوان ) كفلوس مثلا ، ويكون رأس مالها عرضا لا يجري فيهما ربا ( روايتان إحداهما : يسلم فيه عددا ) قدمه في " الرعاية " ؛ لأن التفاوت في ذلك يسير ويذهب باشتراطه الكبر ، والصغر ، أو الوسط ، وإن بقي شيء يسير عفي عنه ( والأخرى وزنا ) ؛ لأنه يتباين ، والوزن يضبطه ( وقيل : يسلم في الجوز ، والبيض عددا ) قدمه في " الفروع " ، وذكر في " الشرح " أنه الأظهر ؛ لأن التفاوت في المتقارب يسير ولهذا لا تكاد القيمة تتفاوت بين البيضتين ، والجوزتين بخلاف البطيخ ، فإنه يتباين كثيرا ( وفي الفواكه ) كالرمان ، والسفرجل ( والبقول وزنا ) ؛ لأنه يختلف كثيرا ويتباين جدا ، فلا ينضبط إلا بالوزن .
فائدة : إذا كان المسلم فيه مما لا يمكن وزنه بميزان كالأرحية ، والأحجار الكبار وزنت بالسفينة فتنزل في الماء ، ثم ينزل فيها ذلك فينظر إلى أي موضع يغوص فيعلمه ، ثم يرفع وينزل مكانه رمل ونحوه إلى أن يبلغ الماء الموضع المعلم ، ثم يوزن بميزان .