صفحة جزء
ويصح رهن كل عين يجوز بيعها إلا المكاتب إذا قلنا : استدامة القبض شرط ، لم يجز رهنه ويجوز رهن ما يسرع إليه الفساد بدين مؤجل ويباع ويجعل ثمنه رهنا .


( ويصح رهن كل عين يجوز بيعها ) ؛ لأن المقصود منه الاستيثاق بالدين ليتوصل إلى استيفائه من ثمن الرهن عند تعذر استيفائه من الراهن ، وهذا يتحقق في كل عين يجوز بيعها ويشمل ذلك صورا ويستثنى منه رهن المنافع ( إلا المكاتب إذا قلنا استدامة القبض شرط لم يجز رهنه ) ، وجزم به في " الوجيز " ، وصححه في " المغني " ، و " الشرح " ؛ لأن استدامة القبض غير ممكنة في حقه لمنافاتها مقتضى الكتابة ، وقال القاضي : قياس المذهب صحة رهنه ، وهو ظاهر " المحرر " ، و " الفروع " ؛ لأنه يجوز بيعه وإيفاء الدين من ثمنه ، فعلى هذا لا يصح شرط منعه من التصرف ويمكن من الكسب ، وما يؤديه من النجوم رهنا معه ، وإن عجز ثبت الرهن فيه ، وفي إكسابه ، وإن عتق بقي ما أداه رهنا كمن مات بعد كسبه .

فرع : المعلق عتقه بصفة إن كانت توجد بعد حل الدين لم يصح ، وإن [ ص: 216 ] كان يحل قبلها ، صح لإمكان بيعه ، وإن احتمل الأمران كقدوم زيد فقياس المذهب صحته كالمريض ، والمدبر .

( ويجوز رهن ما يسرع إليه الفساد ) كالعنب ، والرطب ، لأنه يجوز بيعه فيحصل المقصود ( بدين مؤجل ) ليس قيدا فيه ، أو يصح بالحال ، وإنما ذكره تنبيها على أن التأجيل لا أثر له في منع صحة ذلك ؛ لأنه ربما توهم أن عقد الرهن يقتضي بقاء المرهون إلى الاستحقاق ( ويباع ) على الأصح ( ويجعل ثمنه رهنا ) ؛ لأن الثمن بدل العين وبدل الشيء يقوم مقامه ، وهذا إذا لم يحل الدين ، فإن كان قد حل ، فإنه يقضى الدين من ثمنه ، صرح به في " المغني " ، و " الشرح " . ونقل أبو طالب فيمن رهن وغاب فخاف المرتهن فساده ، أو ذهابه فليأت السلطان حتى يبيعه ، كما أرسل ابن سيرين إلى إياس بن معاوية يأذن له في بيعه ، فإذا باعه حتى يجيء صاحبه فيدفعه إليه بأمره حتى يكون صاحبه يقضيه ، وظاهر المتن لا فرق بين ما يمكن تجفيفه ، أو لا ، وفي " المغني " ، و " الشرح " إن أمكن تجفيفه ، فعلى الراهن تجفيفه ؛ لأنه من مؤنة حفظه وتبقيته أشبه نفقة الحيوان قال ابن المنجا : فيحمل كلامه هنا عليه ، وفيه نظر ، فعلى هذا إن شرط المرتهن بيعه ، أو أذن له فيه بعد العقد على أن الراهن يبيعه ، أو غيره ، باعه وإلا باعه الحاكم ، فإن أطلقا فالخلاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية