ويصح رهن المشاع ثم إن رضي الشريك ، والمرتهن بكونه في يد أحدهما ، أو غيرهما جاز ، وإن اختلفا جعله الحاكم في يد أمين ، أو بأجرة ويجوز رهن المكيل ، والموزون ، والمعدود ، والمذروع قبل قبضه إلا على ثمنه في أحد الوجهين ، وما لا يجوز بيعه لا يجوز رهنه إلا الثمرة قبل بدو صلاحها من غير شرط القطع في أحد الوجهين ولا يصح رهن العبد المسلم لكافر إلا عند أبي الخطاب إذا شرطا كونه في يد مسلم .
( ويصح رهن المشاع ) في قول الجماهير ؛ لأنه يجوز بيعه في محل الحق أشبه المفرز واقتضى ذلك صحة رهن بعض نصيبه من المشاع ، لكن في رهن حصته من معين يمكن قسمته فيه وجهان كبيعه ، وفي " الانتصار " لا يصح بيعه ، نص [ ص: 217 ] عليه وعلل القاضي المنع باحتمال أن يقتسم الشريكان فيحصل الرهن في حصة شريكه ( ثم إن رضي الشريك ، والمرتهن بكونه في يد أحدهما ، أو غيرهما جاز ) ؛ لأن الحق لهما لا يتجاوزهما ( وإن اختلفا جعله الحاكم في يد أمين ) ، وقيل : من جاز توكيله جاز جعل الرهن عنده مطلقا ، وفيه نظر ( أمانة ، أو بأجرة ) ؛ لأن قبض المرتهن واجب ، ولا يمكن ذلك منفردا لكونه مشاعا فتعين ما ذكرنا لكونه وسيلة إلى القبض الواجب ، وفي إيجار الحاكم عليهما وجهان ويعتبر فيمن هو عنده منع الخلوة المحرمة ، وكونه مسلما إذا كان المرهون مسلما كالمصحف .
( ويجوز رهن المكيل ، والموزون ، والمعدود ، والمذروع قبل قبضه ) أي : ثمنه ؛ لأنه يجوز بيعه قبل قبضه ، فصح رهنه ، كما بعد القبض وسواء رهنه عند بائعه ، أو غيره ( إلا على ثمنه في أحد الوجهين ) ، فإنه لا يجوز ؛ لأن المبيع محبوس بالثمن ، فلا فائدة في صيرورته رهنا ؛ لأن بين الرهن ، والبيع تنافيا ؛ لأن حكم الرهن أن يباع في الدين عند التعذر وحكم البيع إيفاء الثمن من غيره ، والثاني : يصح ، وهو المنصوص ؛ لأن الثمن صار دينا في الذمة ، والمبيع صار ملكا للمشتري فجاز رهنه بالثمن كغيره من الديون ومقتضاه أن المكيل ، والموزون ، والمعدود ، والمذروع لا يصح رهنه قبل قبضه كالبيع ( وما لا يجوز بيعه لا يجوز رهنه ) ؛ لأن القصد من الرهن استيفاء الدين من ثمنه عند التعذر ، وما لا يجوز بيعه لا يمكن فيه ذلك ، وهو شامل لصور أم الولد ، والوقف ، والعين المرهونة ، فإن قال للمرتهن زدني مالا يكون الذي عندك رهنا به وبالدين الأول لم يجز ، وكذا رهن المصحف . نقل الجماعة عنه أنه قال : لا أرخص [ ص: 218 ] في رهن المصحف ، والمجهول ، وما لا يقدر على تسليمه ، والأرض الموقوفة على المسلمين كسواد العراق وحكم بنائها كحكمها ، فإن كان من غير ترابها ، أو الشجر المجدد فيها فالمذهب صحته ، وقد تقدم ذلك ، والمبيع في مدة الخيار إلا أن يرهنه المشتري فالخيار له وحده ، فيصح ويبطل خياره ، ذكره أبو بكر ومال غيره ، وخرج : بلى إن أجازه ربه ، وإن بان أنه أذن فيه ، أو أنه له فوجهان ( إلا الثمرة قبل بدو صلاحها ) ، والزرع الأخضر ( من غير شرط القطع في أحد الوجهين ) ، اختاره القاضي ، وجزم به في " المحرر " ، و " الوجيز " ؛ لأن النهي عن البيع إنما كان لعدم الأمن من العاهة ولهذا أمر بوضع الجوائح وذلك مفقود هنا وبتقدير تلفها لا يفوت حق المرتهن من الدين لتعلقه بذمة الراهن فمتى حل الحق بيع ، وإن اختار المرتهن تأخير بيعه فله ذلك ، والثاني : لا يصح كالبيع فعليه إن رهنها مع الأصل فقولا تفريق الصفقة .
ملحق : تستثنى الجارية دون ولدها وبالعكس ويباعان ، فلو رهنت الأم بمفردها قومت دونه ، ثم معه فما زاد على قيمتها فهو قيمته ، وقيل : تقوم ذات ولد ويقوم هو معها إذا علم به المرتهن ، فإن كانت حاملا به وقت الرهن ، أو حملت به فهو رهن ، ولو رهن الوارث تركة الميت ، أو باعها ، وعلى الميت دين ، صح على الأشهر ، وإن رهن ثمرة إلى محل يحدث فيه أخرى لا تتميز فهو باطل ؛ لأنه مجهول حين حلول الحق ، وإن رهنها بدين حال ، أو شرط قطعها عند خوف اختلاطها جاز ؛ لأنه لا غرر فيه ، فإن لم يقطعها حتى اختلطت لم يبطل الرهن ؛ لأنه وقع صحيحا ، لكن إن سمح الراهن ببيع الجميع على قدر ثمنه جاز ، وإن اختلفا وتشاحا قدم قول الراهن مع يمينه ؛ لأنه منكر ( ولا يصح رهن العبد المسلم لكافر ) مطلقا ؛ لأن مقتضى الرهن أن يكون في يد المرتهن ، وهو ليس بأهل لذلك ، ولو شرطاه في يد مسلم ؛ لأن الكافر لا يد له على مسلم بدليل أنه يؤمر ببيع عبده إذا أسلم ( إلا عند أبي الخطاب إذا شرطا كونه في يد مسلم ) عدل ؛ لأنه مال فجاز رهنه كسائر الأموال ويبيعه الحاكم إذا امتنع مالكه قال في " الشرح " : وهذا أولى ؛ لأن مقصود الرهن يحصل من غير ضرر وأطلق في " الفروع " الخلاف وهما في رهن المصحف لكافر إذا شرطا كونه في يد مسلم ، وألحقت به كتب الحديث .
فرع : لا يقرأ فيه أحد بلا إذن ربه ، وقيل : بلى إن لم يضر ماليته ، وإن طلب أحد ليقرأ فيه لم يجب بذله ، وقيل : بلى ، وقيل عند الحاجة إليه