وليس له وضع خشبة عليه إلا عند الضرورة بأن لا يمكنه التسقيف إلا به وعنه : ليس له وضع خشبة على جدار المسجد ، وهذا تنبيه : على أنه لا يضع على جدار جاره وإن كان بينهما حائط فانهدم فطالب أحدهما صاحبه ببنائه معه أجبر عليه ، وعنه : لا يجبر لكن ليس له منعه من بنائه ، فإن بناه بآلته فهو بينهما ، وإن بناه بآلة من عنده فهو له ، وليس للآخر الانتفاع به ، فإن طلب ذلك خير الباني بين أخذ نصف قيمته منه ، وبين أخذ آلته .
( وليس له وضع خشبة عليه إلا عند الضرورة ) فيجوز ، نص عليه لما روى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340078لا يمنعن جار جاره أن يضع خشبة على جداره . ثم يقول nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : ما لي أراكم عنها معرضين ؛ والله لأرمين بها بين أكتافكم . متفق عليه ومعناه لأضعن هذه السنة بين أكتافكم ولأحملنكم على العمل بها ، وقيل : معناه لأضعن جذوع الجيران على أكتافكم مبالغة ، ولأنه انتفاع بحائط جاره على وجه لا يضر به ، أشبه الاستناد إليه ، وفي " المغني " ، و " الشرح " أنه يجوز لحاجة ، نص عليه ومحله ما لم يضر بالحائط ، فإن أضر به لم يجز بغير خلاف نعلمه ، وإن أمكن وضعه على غيره فقال أكثر الأصحاب : لا يجوز ، وذهب ابن عقيل إلى جوازه للخبر ( بأن لا يمكنه التسقيف إلا به ) هذا تفسير للضرورة ، وظاهره لا فرق بين أن يكون له حائط واحد ، أو حائطان ، وصرح به في " المغني " واشترط القاضي ، وأبو الخطاب لجوازه أن يكون له حائط واحد ولجاره ثلاثة ، ورده في " المغني " ، و " الشرح " بأنه ليس في كلام أحمد ، وإنما قال في رواية أبي داود : لا إذا لم يكن ضرر وكان الحائط يبقى ، ولأنه قد يمتنع التسقيف على حائطين إذا كانا غير متقاربين ، أو كان البيت واسعا يحتاج أن يجعل فيه جسرا ، ثم يضع الخشب على ذلك الجسر قال المؤلف : والأولى اعتباره بما ذكرنا ، ولا فرق بين [ ص: 300 ] أن يكون لبالغ ، أو يتيم عاقل ، أو مجنون ، لا يقال : قياسه يجوز فتح الطاق ونحوه ، لأن وضع الخشب ينفع الحائط ويمكنه بخلاف فتح الطاق ( وعنه : ليس له وضع خشبة على جدار المسجد ) نقلها أبو طالب ، واختارها أبو بكر ، وأبو محمد الجوزي ، لأن القياس يقتضي المنع ، ترك في حق الجار للخبر فيبقى ما عداه على مقتضى القياس ( وهذا تنبيه ) أي : خرج منها أبو الخطاب وجها ( على أنه لا يضع على جدار جاره ) ، لأنه إذا امتنع من وضعه على الجدار المشترك بين المسلمين وله فيه حق فلأن يمنع من الملك المختص بغيره أولى ويتأكد المنع بأن حق الله مبني على السهولة ، والمسامحة بخلاف حق الآدمي ، فإنه مبني على الشح ، والضيق .
مسائل : الأولى : إذا ملك وضع خشبة على حائط فزال بسقوطه ، أو قلعه ، أو سقوط الحائط ، ثم أعيد فله إعادة خشبة عليه ، لأن السبب المجوز لوضعه مستمر فاستمر الاستحقاق .
الثانية : إذا ملك وضع خشبة على جدار غيره لم يملك إجارته ، ولا إعارته ، لأنه إنما ملك ذلك للحاجة ، ولا حاجة هنا ، فلو أراد مالك الجدار إجارته ، أو إعارته على وجه يمنع هذا المستحق لم يملكه ، كما لو أراد هدم الحائط من غير حاجة .
الثالثة : إذا أذن له المالك في وضع خشبة ، أو البناء على جداره بعوض جاز سواء كان إجارة في مدة معلومة ، أو صلحا على وضعه على التأبيد ومتى زال فله إعادته ويحتاج أن يكون البناء معلوم العرض ، والطول ، والسمك ، والآلات [ ص: 301 ] من الطين ، واللبن ونحوه ، وإن كان في الموضع الذي يجوز له ، لم يجز أن يأخذ عوضا ، لأنه يأخذ عوض ما يجب عليه بذله .
الرابعة : إذا وجد خشبه ، أو بناءه ، أو مسيل مائه في حق غيره فالظاهر وضعه بحق فمتى زال فله إعادته ، لأن هذا الظاهر لا يزول حتى يعلم ما يخالفه .
( وإن كان بينهما حائط ) مشترك ( فانهدم فطالب أحدهما صاحبه ببنائه معه أجبر عليه ) نقله الجماعة ، وصححه القاضي ، وقدمه في " المحرر " ، و " الفروع " ، وذكر أنه اختيار الأصحاب لقوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=2006139لا ضرر ، ولا إضرار . وكنقصه عند خوف سقوطه وكالقسمة ( وعنه : لا يجبر ) ، اختاره أبو محمد الجوزي ، والمؤلف ، وقال : هو أقوى في النظر ، لأنه ملك لا حرمة له في نفسه ، فلم يجبر مالكه على الإنفاق عليه ، كما لو انفرد ، وفارق القسمة لأنها لدفع الضرر عنهما بما لا ضرر فيه ، والبناء فيه ضرر لما فيه من الغرامة ، والضرر لا يزول بمثله ، وقد يكون الممتنع لا نفع له في الحائط ، أو يكون الضرر عليه أكثر من النفع ، أو يكون معسرا ، وجوابه بأن عدم حرمة الملك إن لم يوجب فحرمة شريكه الذي يتضرر بترك البناء موجب ، وفارق البناء المفرد من حيث إنه لا يفوت به حق ، ولا يتضرر به وقولهم : الضرر لا يزال بالضرر مدفوع بما روى nindex.php?page=showalam&ids=14800أبو حفص العكبري عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا من حق الجار أن لا يرفع البنيان على جاره ليسد عليه الريح ، وقولهم : قد يكون الممتنع إلى آخره [ ص: 302 ] ينتقض بوضع خشبه عليه ، وأما المعسر ، فلا قائل بإلزامه معها ( لكن ) عليها ( ليس له منعه من بنائه ) ، لأن له حقا في الحمل ورسما في الحائط ، فلا يجوز منعه منه ( فإن بناه بآلته فهو بينهما ) على الشركة ، كما كان ، لأن الثاني إنما أنفق على التأليف وذلك أثر لا عين فملكها ، وحينئذ فليس له منع شريكه من الانتفاع به قبل أخذ نصف تأليفه في الأشهر ، كما ليس له نقضه ، وصرح به في " النهاية " ، وقيل : يملك منعه حتى يؤدي ما يخصه من الغرامة ، وأبداه ابن المنجا بحثا من عنده ، وحكى الأول عن الأصحاب ، ثم قال : وفيه نظر وينبغي أن يؤدي إلى آخره ، إذ لو لم يكن كذلك لأدى إلى ضياع حق الشريك ، ولأنه إذا أجبر على العمل ، فكذا يجبر على وزن أجرة البناء ، كما يجبره على وزن الآلات ( وإن بناه بآلة من عنده فهو له ) ، لأنه ملكه ( وليس للآخر الانتفاع به ) قبل أداء ما وجب عليه ، لأنه تصرف في ملك غيره بغير إذنه ، وحينئذ فله منعه من رسم طرح خشب حتى يدفع نصف قيمة حقه ، وعنه : ما يخصه من غرامة ، لأنه نائبه معنى ويلزمه قبولها ، فإن أراد نقضه فليس له ذلك إذا بناه بآلة فقط ، وإن أراد غير الباني نقضه لم يملكه مطلقا وله طلب نفقته مع الإذن ، وفيه بنية رجوع على الأولى الخلاف ( فإن طلب ذلك ) أي : الانتفاع ( خير الباني بين أخذ نصف قيمته منه ) ، لأن في ذلك جمعا بين الحقين ( وبين أخذ آلته ) لما في ذلك من استيفاء الحق [ ص: 303 ] فرع : لو بنيا جدارا بينهما نصفين ، والنفقة كذلك على أن ثلثه لواحد وباقيه للآخر ، وأن كلا منهما يحمله ما احتاج لم يصح ، فلو وصفا الحمل فوجهان ، فإن لم يكن بين ملكهما حائط فطلب أحدهما من الآخر بناء حاجز لم يجبر الآخر عليه رواية واحدة ، فإن أراد البناء وحده كان له ذلك في ملكه خاصة .