[ ص: 311 ] فصل ويتعلق بالحجر عليه أربعة أحكام أحدها : تعلق حق الغرماء بماله ، فلا يقبل إقراره عليه ، ولا يصح تصرفه فيه إلا العتق على إحدى الروايتين وإن تصرف في ذمته بشراء ، أو ضمان ، أو إقرار ، صح ويتبع به بعد فك الحجر عنه ، وإن جنى شارك المجني عليه الغرماء ، وإن جنى عبده قدم حق المجني عليه بثمنه .
فصل
( ويتعلق بالحجر عليه أربعة أحكام أحدها : تعلق حق الغرماء بماله ) ، لأنه لو لم يكن كذلك لما كان في الحجر عليه فائدة ، ولأنه يباع في ديونهم فكانت حقوقهم متعلقة به كالرهن ( فلا يقبل إقراره عليه ) ، لأن حقوق الغرماء متعلقة بأعيان ماله ، فلم يقبل الإقرار عليه كالعين المرهونة ( ولا يصح تصرفه فيه ) ، لأنه محجور عليه بحكم الحاكم ، أشبه السفيه . ومرادهم بالتصرف إذا كان مستأنفا ، فإن كان غير مستأنف كرد بعيب اشتراه قبل الحجر وفسخه بالخيار المشترط قبل الحجر نفذ ، ولا يتقيد بالأحظ في أصح الوجهين . قاله في " البلغة " ( إلا العتق على إحدى الروايتين ) كالتدبير ، اختارها أبو بكر ، لأنه عتق من مالك فنفذ كالراهن ، لأن الشارع متشوف إليه ولذلك صح معلقه وكمل مبعضه ، زاد في " المستوعب " وصدقه بيسير ، والثانية : لا ينفذ ، اختارها أبو الخطاب في رءوس المسائل ، وصححها في " المغني " ، و " الشرح " وهي المذهب ، لأنه ممنوع من التبرع لحق الغرماء ، فلم ينفذ عتقه كالمريض الذي يستغرق بدينه ماله ، ولأن الحاكم لم ينشئ الحجر إلا للمنع من التصرف ، وفي صحة العتق إبطال لذلك ، وعلم من ذلك أن تصرفه في ملكه بالبيع ونحوه قبل الحجر عليه صحيح ، نص عليه ، لأنه رشيد غير محجور عليه ، ولأن سبب المنع الحجر ، فلا يتقدم سببه ، وقيل : لا ينفذ ، واختاره الشيخ تقي الدين ، وعنه : له منع ابنه من تصرفه في ماله إن أضره ، وعلى الأول يحرم إن أضر بغريمه ، ذكره الآدمي البغدادي .
[ ص: 312 ] فرع : لو أكرى جملا بعينه ، أو دارا لم ينفسخ بالفلس ، والمكتري أحق بها حتى تنقضي مدته .
آخر : يكفر هو وسفيه بصوم ، فإن فك حجره قبل تكفيره ، وقدر كفر بغيره .
( وإن تصرف في ذمته بشراء ، أو ضمان ، أو إقرار ، صح ) ، لأنه أهل للتصرف فالحجر متعلق بماله لا بذمته منه ، فوجب صحة تصرفه في ذمته عملا بأهليته السالمة عن معارضة الحجر ( ويتبع به بعد فك الحجر عنه ) ، لأنه حق عليه لم يتعلق بماله قبل فك الحجر لحق الغرماء ، فوجب أن يتبع به بعد فك الحجر عنه لزوال العارض ، وليس لأرباب هذه الحقوق مشاركة الغرماء ، لأن من علم بفلسه وعامله ، فقد رضي بالتأخير ومن لم يعلم ، فقد فرط أما إن ثبت عليه حق ببينة شارك صاحبه الغرماء ، لأنه دين ثابت قبل الحجر عليه ، أشبه ما لو شهد به قبل الحجر ( وإن جنى ) المفلس ( شارك المجني عليه الغرماء ) ، لأن حقه ثبت على الجاني بغير اختيار من له الحق ، ولم يرض بتأخيره كما قبل الحجر عليه ، وحكم الجناية إذا كانت موجبة للقصاص وصولح على مال - حكم الجناية الموجبة للمال ابتداء ، لا يقال أرش الجناية هنا يقدم على الغرماء ، كما تقدم جناية العبد المرهون على حق المرتهن ، لأن دين الجناية والغرماء يتعلق فيهما بالذمة بخلاف جناية العبد المرهون ، فإنها متعلقة بالعين تفوت بفواتها ( وإن جنى عبده قدم حق المجني عليه بثمنه ) ، لأن حقه تعلق بالعين فيقدم على من تعلق حقه بالذمة [ ص: 313 ] كما يقدم حق المرتهن بثمن الرهن على الغرماء ، ولأن حق المجني عليه يقدم على المرتهن ، فأولى أن يقدم على حق الغرماء .
مسألة : إذا وجب له قود فله أخذه وتركه مجانا ، نص عليه ، وما أخذه ، أو عفا عنه فللغرماء أخذه ، وكذا لو عفا مطلقا وقلنا الواجب بقتل العمد أحد شيئين .