[ ص: 3 ] كتاب الشركة وهي على خمسة أضرب ، أحدها : شركة العنان وهي أن يشترك اثنان بماليهما ليعملا فيه ببدنيهما وربحه لهما فينفذ تصرف كل واحد منهما فيهما بحكم الملك في نصيبه والوكالة في نصيب شريكه
( وهي على خمسة أضرب ) ويعتبر لسائر أنواعها أن يكون جائز التصرف ; لأنه عقد على التصرف في المال فلم يصح من غير جائز التصرف في المال كالبيع .
( أحدها : شركة العنان ) سميت بذلك لأن الشريكين فيها يتساويان في المال والتصرف ، كالفارسين إذا سويا بين فرسيهما وتساويا في السير ، وقال الفراء : هي مشتقة من عن الشيء إذا عرض ، يقال : عنت لي حاجة إذا عرضت ; لأن كلا منهما قد عن له ، أي عرض له مشاركة صاحبه ، وقيل هي مأخوذة من عانه إذا عارضه ، فكل منهما عارض صاحبه بمثل ماله وعمله ، وقوله في " الشرح " إنه راجع إلى قول الفراء ليس بظاهر ( وهي ) جائزة إجماعا ، ذكره ابن المنذر ، وإن اختلف في بعض شروطها ( أن يشترك اثنان ) فما فوقهما سواء كانا مسلمين [ ص: 4 ] أو أحدهما ، ولا تكره مشاركة كتابي إن ولي المسلم التصرف ، نص عليه لنهيه عليه السلام عن مشاركة اليهودي والنصراني إلا أن يكون الشراء والبيع بيد المسلم ، رواه الخلال بإسناده عن عطاء ، وكرهه الأزجي ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ولم نعرف له في الصحابة مخالفا ، ولأن أموالهم ليست بطيبة ، فإنهم يبيعون الخمر ، ويتبايعون بالربا ، وكالمجوس ، نص عليه ( بماليهما ) المعلومين سواء كان المالان متساويين قدرا ، وجنسا ، وصفة أو لا ، ويعتبر حضور ماليهما لتقرير العمل ، وتحقيق الشركة إذن كمضاربة ، نص عليه ، ولو اشتركا في مختلط بينهما شائعا صح إن علما قدر ما لكل منهما ، وهذا القيد أخرج المضاربة ; لأن المال فيها من جانب ، والعمل من آخر بخلافها لكونها تجمع مالا وعملا من كل جانب بدليل قوله ( ليعملا فيه ببدنيهما ) والأصح : أو أحدهما ، لكن بشرط أن يكون له أكثر من ربح ماله وبقدره إبضاع ، وبدونه لا يصح ، وفيه وجه ( وربحه لهما ) لأنه نماء ملكهما وعملهما متساويا ومتفاضلا على ما شرطاه ; لأن الربح يستحق بالمال تارة وبالعمل أخرى كالمضارب .
( فينفذ تصرف كل واحد منهما فيهما بحكم الملك في نصيبه ) وهو ظاهر ( والوكالة في نصيب شريكه ) لأنه متصرف بجهة الإذن فهو كالوكالة ، ودل أن لفظ الشركة يغني عن إذن صريح في التصرف ، وهذا هو الأصح ، والمعمول به عند أصحابنا ، قاله في الفصول .