فصل وليس للعامل شراء من يعتق على رب المال فإن فعل صح وعتق وضمن ثمنه ، وعنه : يضمن قيمته علم أو لم يعلم ، وقال أبو بكر : إن لم يعلم لم يضمن ، ويحتمل أن لا يصح البيع ، وإن اشترى امرأته صح وانفسخ نكاحه ، وإن اشترى من يعتق على نفسه ولم يظهر ربح لم يعتق ، وإن ظهر ربح ، فهل يعتق ؛ على وجهين .
فصل
( وليس للعامل شراء من يعتق على رب المال ) أي بغير إذنه ; لأن فيه ضرارا ، ولا حظ للتجارة فيه إذ هي معقودة للربح حقيقة أو مظنة ، وهما [ ص: 24 ] منتفيان هنا ( فإن فعل صح ) الشراء في ظاهر كلام أحمد ; لأنه مال متقوم قابل للعقود ، فصح شراء العامل له ، كما لو اشترى من نذر رب المال حريته إذا ملكه ( وعتق ) أي على رب المال ; لأنه ملكه ، وذلك موجب للعتق ، وتنفسخ فيه المضاربة ( وضمن ) العامل ( ثمنه ) لأن التفريط منه ( وعنه : يضمن قيمته ) لأن الملك ثبت فيه ثم تلف أشبه ما لو أتلفه بفعله ( علم ) أنه يعتق بالشراء ( أو لم يعلم ) على المذهب ; لأن الإتلاف الموجب للضمان لا فرق فيه بين العلم والجهل ( وقال أبو بكر : إن لم يعلم لم يضمن ) لأنه معذور إذ التلف حصل المعنى في المبيع ، ولم يعلم به ، فلم يضمنه كما لو اشترى معيبا لم يعلم عيبه فتلف به ، وفي " الشرح " : ويتوجه أن لا يضمن وإن علم ( ويحتمل أن لا يصح البيع ) لأن الإذن في المضاربة إنما ينصرف إلى ما يمكن بيعه ، والربح فيه ، ومن يعتق على رب المال ليس كذلك ، وقيده في " الشرح " إذا كان الثمن عينا ; لأن العامل اشترى ما ليس له أن يشتريه ، وإن كان اشتراه بثمن في الذمة وقع الشراء للعاقد ، وليس له دفع الثمن من مال المضاربة ، فإن فعل ضمن في قول أكثر الفقهاء ، فأما إذا اشتراه بإذنه صح ; لأنه يصح شراؤه بنفسه ، فكذا نائبه ، فإن كان على المأذون له دين ، يستغرق قيمته وما في يده ، وقلنا : يتعلق برقبته فعليه دفع قيمته إلى الغرماء ; لأنه أتلفه عليهم بالعتق وإن نهاه عنه فهو باطل وإن أطلق فوجهان كشرائه امرأة رب المال ( وإن اشترى ) المضارب ( امرأته ) أو بعضها ( صح ) لأنه اشترى ما يمكن طلب الربح فيه أشبه ما لو اشترى أجنبية ( وانفسخ نكاحه ) لأنها دخلت في ملك زوجها ، فإن كان قبل الدخول فهل [ ص: 25 ] يلزم الزوج نصف الصداق ؛ فيه وجهان ، فإن قلنا : يلزمه رجع به على العامل ; لأنه سبب تقريره عليه ، فيرجع عليه كما لو أفسدت امرأته نكاحها بالرضاع ، ذكره في " المغني " و " الشرح " .
فرع : إذا اشترى زوج ربة المال صح ، وانفسخ نكاحها ، ولا ضمان عليه فيما يفوت من المهر ويسقط من النفقة ; لأن ذلك لا يعود إلى المضاربة ، وإنما هو بسبب آخر ، ولا فرق بين شرائه في الذمة ، أو بعين المال .
( وإن اشترى ) المضارب ( من يعتق على نفسه ، ولم يظهر ربح لم يعتق ) لأنه لا يملكه ، وإنما هو ملك رب المال ، وقيل : بلى لسابقته ( وإن ظهر ربح ، فهل يعتق ؛ على وجهين ) هما مبنيان على أن العامل متى يملك الربح ، فإن قلنا يملكه بالقسمة لم يعتق منه شيئا ; لأنه لم يملكه ، وإن قلنا بالظهور فوجهان أحدهما واختاره أبو بكر لا يعتق ; لأن ملكه غير تام لكون الربح وقاية لرأس المال ، والثاني يعتق منه بقدر حصته إن كان معسرا ، ويقوم عليه باقيه إن كان موسرا ، وهو قول القاضي ; لأنه ملكه بفعله ، فعتق عليه أشبه ما لو اشتراه بماله ، وإن اشتراه ولم يظهر ربح ثم ظهر بعد ذلك ، والعبد باق في التجارة فهو كما لو كان ظاهرا .
مسألة : إذا تعدى المضارب بالشرط ، أو فعل ما ليس له فعله ، أو ترك ما يلزمه ضمن المال ، ولا أجرة له ، وربحه لمالكه ، وقيل : له أجرة المثل ، وعنه : له الأقل منها ، أو ما سمي له من الربح ، وعنه : يتصدقان قال ابن عقيل : هذا [ ص: 26 ] على سبيل الورع ، وقيل : إن اشترى بعين المال بطل على المذهب ، والنماء للبائع ، وعنه : إن أجازه ربه صح ، وملك النماء وإلا بطل .