فصل والعامل أمين ، والقول قوله فيما يدعيه من هلاك وخسران ، وما يذكر أنه اشتراه لنفسه أو للقراض ، وما يدعى عليه من خيانة ، والقول قول رب المال في رده إليه ، والجزء المشروط للعامل ، وفي الإذن في البيع نساء أو الشراء بكذا ، وحكي عنه أن القول قول العامل إن ادعى أجرة المثل . وإن قال العامل : ربحت ألفا ثم خسرتها أو هلكت ، قبل قوله ، وإن قال : غلطت لم يقبل قوله .
( والعامل أمين ) لأنه متصرف في مال غيره بإذنه لا لمحض منفعته ، فكان أمينا كالوكيل بخلاف المستعير ، فإنه قبضه لمنفعته خاصة ( والقول قوله فيما يدعيه من هلاك وخسران ) لأن تأمينه يقتضي ذلك ، ولأنه مدعى عليه ، وهو ينكره ، والقول قول المنكر مع يمينه ، وكما يقبل قوله في قدر رأس المال إجماعا ، ذكره ابن المنذر ، وذكر الحلواني فيه روايات كعوض كتابة ، والثالثة يتحالفان ، وجزم أبو محمد الجوزي بقول رب المال ، ( وما يذكر أنه اشتراه لنفسه أو للقراض ) لأن الاختلاف هنا في نيته وهو أعلم بها ، فقبل قوله فيما نواه كنية الزوج في كناية الطلاق ، فلو اشترى شيئا ، فقال المالك : كنت نهيتك عن شرائه ، فأنكره العامل قبل قوله ; لأن الأصل عدم النهي ، وكما يقبل قوله في أنه ربح أم لا ( وما يدعى عليه من خيانة ) أو تفريط لما ذكرنا ( والقول قول رب المال ) مع يمينه ( في رده إليه ) نص عليه ; لأنه قبض المال لمنفعة نفسه ، فلم [ ص: 36 ] يقبل قوله في الرد كالمستعير ، ولأن رب المال منكر ، فقدم قوله ، وقيل : يقبل قول العامل ; لأنه أمين ، ومعظم النفع لرب المال ، فالعامل كالمودع ، وهو مبني على دعوى الوكيل الرد إذا كان بجعل ، قاله في " الشرح " ( والجزء المشروط للعامل ) أي إذا اختلفا في قدر المشروط بعد الربح قدم قول المالك ، نص عليه في رواية ابن منصور ، وسندي ، وهو قول أكثرهم ; لأنه منكر للزيادة التي ادعاها العامل ، والقول قول المنكر ، وكقبوله في صفة خروجه عن يده ( وفي الإذن في البيع نساء أو الشراء بكذا ) أي إذا أنكر رب المال بأن قال : إنما أذنت في البيع حالا ، وفي الشراء بثلاثة ، قدم قوله ، وحكاه في " الشرح " قولا ; لأن الأصل عدم الإذن ، والقول قوله في أصل الإذن ، فكذا في صفته ، والمنصوص أنه يقبل قول العامل لأنهما اتفقا على الإذن ، واختلفا في صفته ، كما لو قال : نهيتك عن شراء عبد ، فأنكر ، وهذا هو المذهب في البيع نساء ، وما جزم به المؤلف لا نعرف به رواية ولا وجها غير أن صاحب " المستوعب " حكى بعد هذا أن ابن أبي موسى قال : ويتجه أن يكون القول قول رب المال ، فظن بعضهم أنه وجه ، والفرق بينهما ظاهر ; لأنه لم يوجد في الإذن في المقدار قرينة تدل على صدق العامل ، والأصل ينفي قوله ، فوجب العمل به لوجود مقتضاه بخلاف الإذن في البيع نساء ، فإن فيه قرينة تدل على صدق العامل ، فعارضت الأصل إذ عقد المضاربة يقتضي الربح والنساء مظنته ( وحكي عنه أن القول قول العامل إن ادعى أجرة المثل ) زاد في " المغني " و " الشرح " تبعا لابن عقيل : أو ما يتغابن الناس به ; لأن الظاهر صدقه ، فلو ادعى أكثر قبل [ ص: 37 ] قول رب المال ، كالزوجين إذا اختلفا في الصداق ( وإن قال العامل : ربحت ألفا ثم خسرتها أو هلكت ، قبل قوله ) لأنه أمين يقبل قوله كالوكيل المتبرع ( وإن قال : غلطت ) أو كذبت ، أو نسيت ( لم يقبل قوله ) لأنه مقر فلا يقبل قوله في الرجوع عن إقراره كدعواه اقتراضا تمم به رأس المال بعد إقراره به لرب المال ، وعنه : يقبل لأمانته ، ونقل أبو داود ومهنا : إذا أقر بربح ثم قال : إنما كنت أعطيك من رأس مالك ، يصدق ، قال أبو بكر : وعليه العمل ، ويتخرج أن لا يقبل إلا ببينة ؛ لأنه مدع للغلط ، فإذا قامت البينة عليه قبل كسائر الدعاوى .
تنبيه : إذا دفع إليه مبلغا يتجر فيه ، فربح ، فقال العامل : هو قرض ربحه لي ، وقال المالك : هو قراض ربحه بيننا ، قبل قول المالك ; لأنه ملكه ، فكان القول قوله في صفة خروجه عن يده ، فإذا حلف قسم الربح بينهما ، وقيل : يتحالفان ، وللعامل أكثر الأمرين مما شرط له من الربح ، أو أجرة مثله ، فإن أقام كل منهما بينة ، فنص أحمد أنهما يتعارضان ، ويقسم الربح بينهما ، وهو معنى كلام الأزجي ، وقدم في " الفروع " تقدم بينة عامل ; لأنه خارج ، وقيل عكسه .