فصل الثالث : شركة الوجوه وهي أن يشتركا على أن يشتريا بجاههما دينا فما ربحا فهو بينهما ، وكل واحد منهما وكيل صاحبه كفيل عنه بالثمن ، والملك بينهما على ما شرطاه ، والوضيعة على قدر ملكيهما فيه ، والربح بينهما على ما شرطاه ، ويحتمل أن يكون على قدر ملكيهما ، وهما في التصرفات كشريكي العنان .
( الثالث : شركة الوجوه ) سميت به لأنهما يعاملان فيها بوجههما ، والجاه والوجه واحد ، يقال : فلان وجيه إذا كان ذا جاه ، وهي جائزة إذ معناها وكالة كل واحد منهما صاحبه في الشراء ، والبيع ، والكفالة بالثمن ، وكل ذلك صحيح لاشتمالها على [ ص: 38 ] مصلحة من غير مضرة ( وهي أن يشتركا على أن يشتريا بجاههما دينا ) أي في ذممهما من غير أن يكون لهما مال ( فما ربحا فهو بينهما ) على ما شرطاه ، وسواء عين أحدهما لصاحبه ما يشتريه ، أو قدره ، أو وقت ، أو لم يعين شيئا من ذلك ، فلو قال كل منهما للآخر : ما اشتريت من شيء فبيننا صح ( وكل واحد منهما وكيل صاحبه كفيل عنه بالثمن ) لأن مبناها على الوكالة ، والكفالة ; لأن كل واحد منهما وكيل للآخر فيما يشتريه ويبيعه كفيل عنه بالثمن ( والملك بينهما على ما شرطاه ) لقوله عليه السلام nindex.php?page=hadith&LINKID=2006142المؤمنون على شروطهم ولأن العقد مبناه على الوكالة ، فتقيد بما أذن فيه ( والوضيعة على قدر ملكيهما فيه ) كشركة العنان ; لأنها في معناها ( والربح بينهما على ما شرطاه ) لأن العمل منهما قد يتساويان فيه ، فكان الربح بحسب الشرط كالعنان ، فإذا كان لأحدهما ثلث الربح كان له ثلث المشترى ، وإن كان له نصفه كان له نصف المشترى ; لأن الأصل في الربح المال ، فكل جزء من الربح بإزاء جزء من المال ، فإذا علم نصيب أحدهما من الربح علم قدر ما يملكه من المال ; لأنه تابع له ( ويحتمل أن يكون على قدر ملكيهما ) قاله القاضي ، وجزم به في " الفصول " ; لأن الربح يستحق بالضمان إذ الشركة وقعت عليه خاصة إذ لا مال لهما ، فيشتركان فيه على العمل ، والضمان لا تفاضل فيه فلا يجوز التفاضل في الربح ، والأول المذهب ، لأنهما شريكان في المال والعمل ، فجاز تفاضلهما في الربح مع تساويهما في المال كشريكي العنان ( وهما في التصرفات كشريكي العنان ) يعني فيما يجب لهما وعليهما ، وفي إقرارهما وخصومتهما ، وغير ذلك على ما مر ، وهل ما يشتريه أحدهما بينهما أم تعتبر النية كوكالة ؛ فيه وجهان ، قال في " الفروع " : ويتوجه في عنان مثله ، وقطع جماعة النية .
[ ص: 39 ] فرع : إذا قضى بمال المضاربة دينه ثم اتجر بوجهه ، وأعطى رب المال نصف الربح ، فنقل صالح : : " أما الربح فأرجو إذا كان متفضلا عليه .