وتجوز إجارة الوقف ، فإن مات المؤجر فانتقل إلى من بعده لم تنفسخ الإجارة في أحد الوجهين وللثاني حصته من الأجرة
( وتجوز إجارة الوقف ) لأن منافعه مملوكة للموقوف عليه ، فجاز له إجارتها كالمستأجر ( فإن مات المؤجر فانتقل إلى من بعده لم تنفسخ الإجارة في أحد الوجهين ) ذكر القاضي في " المجرد " أنه قياس المذهب ، وجزم به في " الوجيز " ، وقدمه في " الفروع " ; لأنه آجر ملكه في زمن ولايته فلم تبطل بموته كما [ ص: 82 ] لو أجر ملكه الطلق ( وللثاني حصته من الأجرة ) أي من حين موت الأول ، فإن كان قبضها رجع في تركته بحصته ; لأنه تبين عدم استحقاقه لها ، فإن تعذر أخذها ، فظاهر كلامهم أنها تسقط وإن لم يقبض فمن مستأجر ، وذكر الشيخ تقي الدين أنه ليس لناظر وقف ونحوه تعجيلها كلها إلا لحاجة ، ولو شرطه لم يجز ; لأن الموقوف عليه يأخذ ما لم يستحقه الآن ، وعليه للبطن الثاني أن يطالبوا بالأجرة للمستأجر ; لأنه لم يكن لهم التسلف ، ولهم أن يطالبوا الناظر ، والثاني أنها تنفسخ فيما بقي منها ، جزم به القاضي في خلافه ، وقال : إنه ظاهر كلام أحمد ، وابنه أبي الحسين ، وابن شاقلا ، وابن عقيل ; لأن البطن الثاني يستحق العين بجميع منافعها تلقيا من الواقف بانقراض الأول بخلاف الطلق ، فإن المالك ملك من جهة الموروث فلا يملك إلا ما خلفه ، وحق المالك لم ينقطع عن ميراثه بالكلية بل آثاره باقية فيه ، ولهذا تقضى منه ديونه ، وتنفذ وصاياه ، فعلى هذا يرجع مستأجر على ورثة مؤجر قابض بحصته من الباقي ، وخرج في " المغني " ، و " الشرح " ، وجها ببطلان الإجارة من أصلها بناء على تفريق الصفقة ، وحينئذ يلزم المستأجر أجر المثل ثم إن كانت الأجرة مقسطة على أشهر الإجارة ، أو أعوامها فهي صفقتان في الأصح لا تبطل جميعها ببطلان بعضها ، وإن لم تكن مقسطة فهي صفقة واحدة فيطرد فيها الخلاف .
واعلم أنها لا تنفسخ إذا كان الآجر الناظر العام ، أو من شرطه له وكان أجنبيا بموته ولا عز له .