وإجارة العين تنقسم إلى قسمين ، أحدهما : أن تكون على مدة معلومة كإجارة الدار شهرا ، والأرض عاما ، والعبد للخدمة أو للرعي مدة معلومة ، ويسمى الأجير فيها الأجير الخاص ، ويشترط أن تكون المدة معلومة يغلب على الظن بقاء العين فيها وإن طالت ، ولا يشترط أن تلي العقد ، فلو أجره سنة خمس في سنة أربع صح سواء كانت العين مشغولة وقت العقد أو لم تكن ، وإذا آجره في أثناء شهر سنة ، استوفى شهرا بالعدد ، وسائرها بالأهلة ، وعنه : يستوفي الجميع بالعدد ، وكذلك الحكم في كل ما تعتبر فيه الأشهر كعدة الوفاة ، وشهري صيام الكفارة .
فصل
( وإجارة العين تنقسم إلى قسمين ، أحدهما : أن تكون على مدة معلومة كإجارة الدار شهرا ) وهو اسم لما بين الهلالين سواء كان تاما أو ناقصا ( والأرض عاما ) وشاهده قوله تعالى يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج [ البقرة 189 ] ، فلو قدرها بسنة مطلقة حمل على الهلالية ; لأنها المعهودة ، فإذا وصفها به كان تأكيدا ، فإن قال : عددية ، فهي ثلاثمائة وستون يوما ، فإن قال : رومية ، أو شمسية ، أو فارسية ، أو قبطية ، وهما يعلمان جاز ، وكان ثلاثمائة وخمسة وستين يوما ، فإن أشهر الروم منها سبعة أحد وثلاثون يوما ، وأربعة ثلاثون يوما ، وواحد ثمانية وعشرون يوما ، وهو شباط ، وزاده الحساب ربعا ، وشهور القبط كلها ثلاثون ثلاثون ، وزادوها خمسة لتساوي سنتهم السنة الرومية ( والعبد للخدمة أو للرعي مدة معلومة ) فعلم منه أن إجارة العين تارة تكون في الآدمي ، وتارة في غيره من المنازل والدواب ، وقد حكاه ابن المنذر إجماعا ( ويسمى الأجير فيها الأجير الخاص ) لاختصاص المستأجر بمنفعته في مدة الإجارة لا يشاركه فيها غيره .
( ويشترط أن تكون المدة معلومة ) هذا تكرار ( يغلب على الظن بقاء العين فيها ) لأن المدة هي الضابطة للمعقود عليه المعرفة له ، فاشترط العلم بها كالمكيلات ( وإن طالت ) في قول أكثر العلماء ; لأن المصحح لها كون المستأجر يمكنه [ ص: 85 ] استيفاء المنفعة منها غالبا ، وظاهره ولو ظن عدم العاقد ولو مدة لا يظن فناء الدنيا فيها ، وقيل : بلى تصح إلى سنة ، اختاره ابن حامد ، وقيل : ثلاثين ، وحكاه في " الرعاية " ; لأن الغالب أن الأعيان لا تبقى إلى أكثر منها وتتغير الأسعار ، ولا فرق بين الوقف والملك بل الوقف أولى ، قاله في " الرعاية " ، وفيه نظر ، والسقف والبسيط سواء .
فرع : ليس لوكيل مطلق إيجارها مدة طويلة بل العرف كسنتين ونحوهما قاله الشيخ تقي الدين .
مسألة : لو علقها على ما يقع اسمه على شيئين كالعيد وربيع صح وانصرف إلى الأول ، قاله في " المغني " ، و " الشرح " ، وقال القاضي : لا يصح حتى يعين ذلك على شهر مفرد فلا بد من تعيينه من أي سنة وعلى يوم يبينه من أي أسبوع .
( ولا يشترط أن تلي العقد ) لأنها مدة يجوز العقد عليها مع غيرها ، فجاز العقد عليها مفردة كالتي تلي العقد ( فلو أجره سنة خمس في سنة أربع صح سواء كانت العين مشغولة وقت العقد ) بإجارة أو رهن إن قدر على تسليمها عند وجوبه ( أو لم تكن ) لأنه إنما تشترط القدرة على التسليم عند وجوبه كالسلم ، فإنه لا يشترط وجود القدرة عليه حال العقد ، وقال ابن عقيل : لا يتصرف مالك العقار في المنافع بإجارة ، ولا عارية إلا بعد انقضاء المدة ، واستيفاء المنافع المستحقة عليه بعقد الإجارة ; لأنه ما لم تنقض المدة له حق الاستيفاء فلا يصح تصرفات المالك في محبوس بحق ; لأنه يتعذر التسليم المستحق بالعقد ، فمراد [ ص: 86 ] الأصحاب متفق ، وهو أنه يجوز إجارة المؤجر ، ويعتبر التسليم وقت وجوبه ، وأنه لا يجوز إيجاره لمن يقوم مقام المؤجر ، وظاهر إطلاق كثير من أصحابنا أنه لا يصح إجارة المشغول بملك غير المستأجر ، وقال الشيخ تقي الدين بجوازه فيمن استأجر أرضا من جندي وغرسها قصبا ثم انتقل الإقطاع عن الجندي أن الثاني لا يلزمه حكم الإجارة ، وأنه إن شاء أن يؤجرها لمن له القصب أو لغيره .
تنبيه : إذا وقعت على مدة تلي العقد لم يشترط ذكر ابتدائها وهي من حين العقد ، وإن كانت لا تليه اشترط ذلك كالانتهاء ، فلو آجره شهرا ، أو سنة لم يصح ، نص عليه ; لأنه مطلق ، فافتقر إلى التعيين ، وعنه : يصح ، اختاره في " المغني " ، ونصره في " الشرح " ، وابتداؤها من حين العقد لقصة شعيب ، وكمدة التسليم .
( وإذا آجره في أثناء شهر سنة ، استوفى شهرا بالعدد ) أي الأول ، نص عليه في نذر وصوم ; لأنه تعذر استيفاؤه بالهلال فتممناه بالعدد ( وسائرها بالأهلة ) لأنه أمكن استيفاؤها بالأهلة فوجب اعتباره ; لأنه الأصل ( وعنه : يستوفي الجميع بالعدد ) لأن الشهر الأول ينبغي أن يكمل من الثاني فيحصل ابتداء الشهر الثاني في أثنائه ، وكذا في كل شهر يأتي بعده ( وكذلك الحكم في كل ما تعتبر فيه الأشهر كعدة الوفاة ، وشهري صيام الكفارة ) نص عليهما في نذر ولأنه ساوى ما تقدم معنى ، قال الشيخ تقي الدين : إلى مثل تلك الساعة .