فصل وتجب الأجرة بنفس العقد إلا أن يتفقا على تأخيرها ، ولا يجب تسليم أجرة العمل في الذمة حتى يتسلمه .
فصل
( وتجب الأجرة بنفس العقد ) أي إذا أطلق ، وكان العقد وقع على عين كأرض ، ودار ، ونحوهما ، أو ذمة ; لأن المؤجر يملك الأجرة بنفس العقد كما يملك البائع الثمن بالبيع ، وحينئذ تكون حالة من نقد بلد العقد إن لم يشترطا غيره ، وقال طائفة : لم يملكها ، ولا يستحق المطالبة بها إلا يوما بيوم إلا أن يشترط تعجيلها لقوله تعالى فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن أمر بإيتائهن بعد الرضاع ، ولقوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340116ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفه أجره ، ولأنه عوض لم يملك فلم يجب تسليمه كالعوض في العقد الفاسد ، وجوابه بأنه عوض أطلق في عقد معاوضة ، فيستحق بمطلق العقد كالثمن ، والصداق ، وله الوطء ، وأما الآية فتحتمل أنه أراد الإيتاء عند الشروع في الرضاع أو تسليم نفسها ، وتحققه أن الإيتاء في وقت لا يمنع وجوبه قبله لقوله تعالى فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن [ النساء 24 ] ، والصداق يجب قبل الاستمتاع مع أنهما إنما وردا فيمن استؤجر على عمل ، فأما ما وقعت الإجارة فيه على مدة فلا تعرض لها فيه ( إلا أن يتفقا على تأخيرها ) فلا يجب كما لو اتفقا على تأخير الثمن ، واقتضى ذلك جواز تأجيلها ، وقيل : إن لم يكن نفعا في الذمة ، وقيل : يجب قبضها في المجلس كرأس مال السلم فلا تحل مؤجلة [ ص: 116 ] بموت في أصح قولي العلماء وإن حل دين به ; لأن حلها مع تأخير استيفاء المنفعة ظلم ، قاله الشيخ تقي الدين .
( ولا يجب تسليم أجرة العمل في الذمة حتى يتسلمه ) وإن وجبت بالعقد ، وعلى هذا وردت النصوص ، ولأن الأجير إنما يوفى أجره إذا قضى عمله ; لأنه عوض فلا يستحق تسليمه إلا مع تسليم المعوض كالصداق ، والثمن ، وفارق الإجارة على الأعيان ; لأن تسليمها أجري مجرى تسليم نفعها ، ومتى كانت على عمل في الذمة لم يحصل تسليم المنفعة ، ولا يقوم مقامها ، فيتوقف استحقاق تسليم الأجر على تسليم العمل ، فإن عمل بعضه فله أجرة المثل لما عمل ، وقيل : إن كان معذورا في ترك العمل وإلا احتمل وجهين ، وقال ابن أبي موسى : من استؤجر لعمل معلوم استحق الأجر عند إيفاء العمل ، وإن استؤجر كل يوم بأجرة معلومة فله أجر كل يوم عند تمامه .
تنبيه : يستقر الأجر كاملا باستيفاء المنفعة ، وبتسليم العين ، ومضي المدة ، ولا مانع له من الانتفاع ، أو بفراغ عمل بيد مستأجر ، ويدفعه إليه بعد عمله ، فلو بذل له تسليم العين ، وامتنع المستأجر حتى انقضت المدة استقر الأجر عليه كما لو كانت بيده ، وإن كانت على عمل فذكر الأصحاب أنها تستقر إذا مضت مدة يمكن الاستيفاء فيها ، وصحح في " المغني " أنه لا أجر عليه ; لأنه عقد على ما في الذمة فلم يستقر عوضه بذل التسليم كالمسلم فيه .