فصل والمسابقة جعالة لكل واحد منهما فسخها إلا أن يظهر الفضل لأحدهما فيكون له الفسخ دون صاحبه ، وتنفسخ بموت أحد المتعاقدين ، وقيل : هي عقد لازم ليس لأحدهما فسخها ، لكنها تنفسخ بموت أحد المركوبين وأحد الراميين ، ولا تبطل بموت أحد الراكبين ، ولا تلف أحد القوسين ويقوم وارث الميت مقامه ، فإن لم يكن له وارث أقام الحاكم مقامه من تركته ، والسبق في الخيل بالرأس إذا تماثلت الأعناق ، وفي مختلفي العنق والإبل بالكتف . ولا يجوز أن يجنب أحدهما مع فرسه فرسا يحرضه على العدو ، ولا يصيح به في وقت سباقه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340129لا جلب ولا جنب .
فصل
( والمسابقة جعالة لكل واحد منهما فسخها ) أي قبل الشروع ; لأنها عقد على ما لا يتحقق القدرة على تسليمه ، فكان جائزا كرد الآبق ، وله الزيادة والنقصان في العوض ، ولم يلزم الآخر إجابته ، ولا يؤخذ بعوضها رهن ولا كفيل ( إلا أن يظهر الفضل لأحدهما ) مثل أن يسبق بفرسه في بعض المسافة ، أو يصيب بسهامه أكثر منه ( فيكون له الفسخ ) لأن الحق له ( دون صاحبه ) أي المفضول ; لأنه لو جاز له ذلك لفاتت غرض المسابقة فلا يحصل المقصود ( وتنفسخ بموت أحد المتعاقدين ) كوكالة ( وقيل : هي عقد لازم ) لأنه يشترط فيها كون العوض معلوما فكانت لازمة كالإجارة ( ليس لأحدهما [ ص: 129 ] فسخها ) لأنه شأن العقود اللازمة ( لكنها تنفسخ بموت أحد المركوبين وأحد الراميين ) لأن العقد تعلق بعين المركوب والرامي ، فانفسخ بتلفه كما لو تلف المعقود عليه في الإجارة ، وفي " الترغيب " احتمال لا يلزم في حق المحلل ; لأنه مغبوط كمرتهن ( ولا تبطل بموت أحد الراكبين ، ولا تلف أحد القوسين ) لأنه غير معقود عليه فلم ينفسخ العقد بتلفه كموت أحد المتبايعين ( و ) عليه ( يقوم وارث الميت مقامه ) لأنه يقوم مقامه فيما له ، فكذا فيما عليه ، وكما لو استأجر شيئا ثم مات ( فإن لم يكن له وارث أقام الحاكم مقامه من تركته ) كما لو آجر نفسه لعمل معلوم ، وإن قلنا : جائزة فوجهان ، وفي " الترغيب " ، ولا يجب تسليم عوضه في الحال ، فإن قلنا بلزومه على الأصح بخلاف أجرة بل يبدأ بتسليم عمل .
( والسبق في الخيل بالرأس إذا تماثلت الأعناق ) أي في الطول ، والارتفاع ، والمد ( وفي مختلفي العنق والإبل بالكتف ) يشترط في المسابقة بعوض إرسال الفرسين ، أو البعيرين دفعة واحدة ليس لأحدهما أن يرسل قبل الآخر ، ويكون عند أول المسافة من يشاهد إرسالهما ، وعند الغاية من يضبط السابق لئلا يختلفا في ذلك ، والسبق بما ذكره المؤلف لأن طويل العنق قد يسبق رأسه لمد عنقه ، وفي الإبل ما يرفع رأسه ، وفيه ما يمد عنقه ، فلذلك اعتبر بالكتف ، وفي " المحرر " الكل بالكتف ، وفي " الرعاية " السبق في الخيل بالعنق ، وقيل : بالرأس مع تساوي الأعناق ، وفي مختلفي العنق والإبل بالكتف أو ببعضه ، وقال ابن حمدان في الكل بالأقدام ، ورده في " المغني " ، و " الشرح " ; لأنه لا ينضبط .
[ ص: 130 ] ( ولا يجوز أن يجنب أحدهما مع فرسه فرسا يحرضه على العدو ، ولا يصيح به في وقت سباقه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340129لا جلب ولا جنب ) رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن عن nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين كذا فسره الأصحاب تبعا لمالك ، وقال أبو عبيد : هو الصحيح ، وقيل : معنى الجنب أن يجنب مع فرسه ، أو وراءه فرسا لا راكب عليه يحرضه على العدو ، ويحثه عليه ، وقال القاضي : معناه أن يجنب فرسا يتحول عند الغاية عليه لكونه أقل إعياء ، ورده ابن المنذر ، والجلب بفتح اللام هو الزجر للفرس ، والصياح عليه حثا له على الجري .