فصل وإن زاد لزمه رده بزيادته سواء كانت متصلة كالسمن وتعلم صنعة ، أو منفصلة كالولد والكسب ، وإن غصب جارحا فصاد به ، أو شبكة ، أو شركا فأمسك شيئا ، أو فرسا فصاد عليه أو غنم ، فهو لمالكه ، وإن غصب ثوبا فقصره ، أو غزلا فنسجه ، أو فضة أو حديدا فضربه ، أو خشبا فنجره ، أو شاة فذبحها وشواها رد ذلك بزيادته ، وأرش نقصه ولا شيء له ، وعنه : يكون شريكا بالزيادة ، وقال أبو بكر : يملكه وعليه قيمته . وإن غصب أرضا فحفر فيها بئرا ووضع ترابها في أرض مالكها لم يملك طمها إذا أبرأه المالك من ضمان ما يتلف بها في أحد الوجهين ، وإن غصب حبا فزرعه ، أو بيضا فصار فرخا ، أو نوى فصار غرسا رده ولا شيء له ، ويخرج فيه مثل الذي قبله
فصل
( وإن زاد لزمه رده بزيادته سواء كانت متصلة كالسمن ، وتعلم صنعة ، أو منفصلة كالولد ، والكسب ) لأنه من نماء المغصوب ، وهو لمالكه ، فلزمه رده كالأصل ( وإن غصب جارحا فصاد به ، أو شبكة ، أو شركا ، فأمسك شيئا ، أو فرسا فصاد عليه أو غنم ، فهو لمالكه ) لأن ذلك كله بسبب ملكه ، فكان له كما لو غصب عبدا فصاد ، وقيل : هو للغاصب في الكل ; لأنه هو الصائد ، والجارح آلة ، فعلى ذلك عليه أجرة ذلك كله مدة مقامه في يده إن كان له أجرة ، وعلى الأول لا أجرة له في وجه ، وفي آخر عليه أجرة المثل ; لأنه استوفى منافعه [ ص: 161 ] أشبه ما لو لم يصد ، ولو غصب عبدا ، فصاد ، أو كسب فهو لسيده ، وفي وجوب أجرة العبد على الغاصب في مدة كسبه وصيده وجهان ، والمختار أنه لا أجرة له ; لأن منافعه في هذه المدة مصروفة إلى مالكه فلم يستحق عوضها على غيره ، لكن لو غصب منجلا ، فقطع به شجرا ، أو حشيشا فهو للغاصب ; لأن هذه آلة فهو كالحبل يربط به ( وإن غصب ثوبا فقصره ، أو غزلا فنسجه ، أو فضة ، أو حديدا ، فضربه ، أو خشبا فنجره ، أو شاة فذبحها وشواها رد ذلك ) إلى مالكه في ظاهر المذهب ; لأنه عين ماله ، أشبه ما لو ذبح الشاة فقط ، ولأنه لو فعله بملكه لم يزل عنه ، فكذا إذا فعله بملك غيره ( بزيادته ) إن زاد ( وأرش نقصه ) إن نقص لكونه حصل بفعله ، ولا فرق بين نقص العين أو القيمة أو هما ( ولا شيء له ) أي للغاصب بعمله المؤدي إلى الزيادة ; لأنه تبرع في ملك غيره فلم يستحق لذلك عوضا كما لو غلى زيتا فزادت قيمته ، لكن إن أمكن الرد إلى الحالة الأولى كحلي ، وأوان ، ودراهم ، ونحوها ، فللمالك إجباره على الإعادة ( وعنه : يكون شريكا بالزيادة ) ذكر في " المستوعب " ، و " المذهب " ; لأن الزيادة حصلت بمنافعه ، والمنافع تجري مجرى الأعيان أشبه ما لو غصب ثوبا فصبغه ، وفرق في " المغني " ، و " الشرح " بأن الصبغ عين مال لا يزول ملك مالكه عنه بجعله مع ملك غيره بخلاف ما ذكر ( وقال أبو بكر : يملكه ) الغاصب ( وعليه قيمته ) قبل تغييره ، هذا رواية عن أحمد نقلها عنه محمد بن عبد الحكم فيمن جعل حديدا سيوفا تقوم فيعطيه الثمن على القيمة ، حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في الزرع : أعطوه ثمن بذره ، ورد بأنه قول قديم مرجوع عنه ، وعنه : [ ص: 162 ] يخير المالك بينهما ، فلو وهبه الغاصب عمله لزمه قبوله ، قاله في " الرعاية " ( وإن غصب أرضا فحفر فيها بئرا ووضع ترابها في أرض مالكها لم يملك طمها إذا أبرأه المالك من ضمان ما يتلف بها في أحد الوجهين ) لأنه إتلاف لا نفع فيه فلم يكن له فعله ، كما لو غصب نقرة فطبعها دراهم ثم أراد ردها نقرة ، ومقتضاه أنه إذا طالبه المالك بطمها أنه يلزمه ; لأنه يضر بالأرض ، والثاني : له طمها لغرض صحيح ; لأنه لا يبرأ من الضمان بإبراء المالك له ; لأنه إبراء مما لم يجب بعد ، مع أنه إبراء من حق غيره ، وهو الواقع فيها ، ونصر في " المغني " ، و " الشرح " الأول بأن الضمان إنما يلزمه لوجود التعدي ، فإذا رضي صاحب الأرض زال التعدي ، فيزول الضمان ، وليس هذا إبراء مما يجب ، وإنما هو إسقاط التعدي برضاه به ، وهذا الخلاف جار فيما ذكره ، فلو وضع التراب في غير أرض مالكها ، أو لم يبرئه من الضمان فلا ، وحكم ما إذا منعه من طمها كذلك .
تنبيه : إذا غصب بقرة ، وأنزى عليها فحله ، أو بالعكس ، فالولد لرب الأم ، ولا أجرة لفعله ، ولا أرش ، وعليه أرش فحل غيره إن ضره ضرابه ، وأجرته إن صح إيجاره لذلك ، وإذا أفرخت طيرة زيد عند عمرو من طيره ، ففرخها لزيد ، نص عليه ، وعليه ما أنفقه عمرو إن نوى الرجوع به ، وإلا فلا ( وإن غصب حبا فزرعه ، أو بيضا فصار فرخا ، أو نوى فصار غرسا ) وفي " الانتصار " ، أو غصنا فصار شجرة ( رده ) لأنه عين مال مالكه ونقصه ( ولا شيء له ) لأنه تبرع بفعله ( ويتخرج فيه مثل الذي قبله ) فيرده ، ونقصه ، أو يملكه الغاصب [ ص: 163 ] أو يكون شريكا بالزيادة على ما مر ; لأنه إذا قصر الثوب ونحوه ، ساوى ذلك حكما .
فرع : إذا صار الرطب تمرا ، أو السمسم شيرجا ، أو العنب عصيرا أخذ ربه مثل أيهما شاء .