[ ص: 229 ] فصل ولا شفعة في بيع الخيار قبل انقضائه ، نص عليه ، ويحتمل أن يجب ، وإن أقر البائع وأنكر المشتري ، فهل تجب الشفعة ؛ على وجهين ، وعهدة الشفيع على المشتري ، وعهدة المشتري على البائع ، فإن أبى المشتري قبض المبيع أجبره الحاكم ، وقال أبو الخطاب : قياس المذهب أن يأخذه الشفيع من يد البائع ، وإذا ورث اثنان شقصا عن أبيهما ، فباع أحدهما نصيبه ؛ فالشفعة بين أخيه وشريك أبيه ، ولا شفعة لكافر على مسلم ، وهل تجب الشفعة للمضارب على رب المال ، أو لرب المال على المضارب فيما يشتريه للمضاربة ؛ على وجهين .
فصل
( ولا شفعة في بيع الخيار قبل انقضائه ، نص عليه ) لأن في الأخذ إلزام المشتري بالعقد قبل رضاه بالتزامه ، وإيجاب العهدة عليه ، وتفويت حقه من الرجوع في عين الثمن ، ولا فرق فيه بين خيار المجلس أو الشرط ، وسواء كان الخيار لهما ، أو لأحدهما ( ويحتمل أن يجب ) وحكاه أبو الخطاب تخريجا ; لأن الملك انتقل ، فتثبت فيه الشفعة في مدة الخيار كما بعد انقضائه ، ولإزالة ضرر الشركة ، وقيل : تثبت إن قلنا : الملك للمشتري ، وقيل : إن شرط للبائع فقط ، وقلنا : الملك للمشتري لم يجب قبل فراغه ، وإن شرط للمشتري وحده ، وقلنا : الملك له ؛ وجبت ; لأن الملك انتقل إليه ، ولا حق لغيره فيه ، والشفيع يملك الأخذ بعد استقرار الملك ، فكان له ، وغاية ما تقدم ثبوت الخيار له ، وذلك لا يمنع الأخذ بها كما لو وجد به عيبا .
( وإن أقر البائع ، وأنكر المشتري ، فهل تجب الشفعة ؛ على وجهين ) كذا في " الكافي " أحدهما : لا شفعة ، نصره الشريف في مسائله ، ولا نص فيها nindex.php?page=showalam&ids=12251للإمام أحمد ; لأن الشفعة فرع البيع ، فإذا لم يثبت الأصل لم يثبت فرعه ، والثاني وهو المذهب : أنها تجب ; لأن البائع أقر بحقين : حق للشفيع ، وحق للمشتري ، فإذا سقط حقه بإنكاره ثبت حق الآخر ، كما لو أقر بدار لرجلين ، فأنكر أحدهما ، فعليه يقبض الشفيع من البائع ، ويسلم إليه الثمن ، ويكون درك الشفيع على البائع وليس له ، ولا للشفيع محاكمة المشتري ، فإن كان البائع مقرا بقبض الثمن من المشتري بقي الثمن الذي على الشفيع لا يدعيه أحد ; لأن [ ص: 230 ] البائع يقول : هو للمشتري ، والمشتري يقول : لا أستحقه ، فالأوجه الثلاثة ( وعهدة الشفيع على المشتري وعهدة المشتري على البائع ) العهدة في الأصل كتاب الشراء ، والمراد هنا أن الشقص إذا ظهر مستحقا أو معيبا فإن الشفيع يرجع على المشتري بالثمن ، أو بأرش العيب ; لأن الشفيع ملكه من جهته ، فرجع عليه لكونه بائعه ثم يرجع المشتري على البائع لما ذكرنا ، ويستثنى منه المسألة السابقة ، فإن عهدة الشفيع على البائع لحصول الملك له من جهته ( فإن أبى المشتري قبض المبيع أجبره الحاكم ) قاله القاضي ، وقدمه في " الفروع " ; لأن القبض واجب ليحصل حق المشتري في تسليمه ، ومن شأن الحاكم أن يجبر الممتنع ( وقال أبو الخطاب : قياس المذهب أن يأخذه الشفيع من يد البائع ) لأن العقد يلزم في العقار من غير قبض ، ويدخل في ملك المشتري بنفسه ، بدليل صحة التصرف فيه قبل قبضه ( وإذا ورث اثنان شقصا عن أبيهما ، فباع أحدهما نصيبه ، فالشفعة بين أخيه وشريك أبيه ) لأنهما شريكان حال ثبوت الشفعة ، فكانت بينهما كما لو تملكاها بسبب واحد ، ولأنها ثبتت لدفع ضرر الشريك الداخل على شركائه بسبب شركته ، وهو موجود في حق الكل ( ولا شفعة لكافر على مسلم ) نص عليه ، وقاله الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، والنخعي لقوله عليه السلام " nindex.php?page=hadith&LINKID=2006145لا شفعة لنصراني " رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في كتاب " العلل " ، وأبو بكر ، وفي إسنادهما نائل بن نجيح عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن حميد عن أنس ، ونائل ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، nindex.php?page=showalam&ids=13357وابن عدي ، ولأنه معنى يختص به العقار ، أشبه الاستعلاء في البنيان ، وقال أكثر العلماء : تثبت [ ص: 231 ] لأنها خيار ثبت لدفع الضرر بالشراء ، فاستوى فيه المسلم والكافر كالرد بالعيب ، وجوابه بأنها تثبت في محل الإجماع على خلاف الأصل ، رعاية لحق الشريك المسلم ، وليس الذمي في معنى المسلم ، فيبقى فيه على مقتضى الأصل ، وظاهره أنها تثبت للمسلم على الكافر لعموم الأدلة ، ولأنها إذا ثبتت على المسلم مع عظم حرمته ، فلأن تثبت على الذمي مع دناءته أولى ، وأنها تثبت لكافر على مثله لاستوائهما كالمسلمين ، قال في " الشرح " : لا نعلم فيه خلافا ، وقيل : لا تثبت لهما إذا كان البائع مسلما ، فإن تبايع كافران بخمر شقصا فلا شفعة في الأصح كخنزير بناء على قولنا : هل هي مال لهم ؛ فأما أهل البدع ، فتثبت الشفعة لمن حكم بإسلامه ، وروى حرب عن أحمد أنه سئل عن أصحاب البدع هل لهم شفعة ؛ وذكر له عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه قال : ليس للرافضة شفعة ، فضحك وقال : أراد أن يخرجهم من الإسلام ، فظاهره أنه أثبتها لهم ، وهو محمول على غير الغلاة منهم ، فأما الغلاة كمعتقد غلط جبريل في الرسالة ، ومن حكم بكفره من الدعاة بخلق القرآن فلا شفعة لهم ، وهو مقتضى كلام الأصحاب ; لأنها إذا لم تثبت للذمي الذي يقر على كفره فغيره أولى ( وهل تجب الشفعة للمضارب على رب المال ، أو لرب المال على المضارب فيما يشتريه للمضاربة ؛ على وجهين ) وفيه مسألتان : الأولى : هل تجب الشفعة للمضارب على رب المال ؛ وفيها وجهان ، أحدهما : تجب ، وصورتها بأن يكون المضارب له شقص في عقار ، فاشترى بمال المضاربة بقيته ، لما في ذلك من دفع ضرر الشركة ، والثاني : لا شفعة ; لأن له في مال المضاربة تعلقا في الجملة ، أشبه رب المال ، والمذهب كما صرح به في " المغني " ، و " الشرح " أنها لا تجب [ ص: 232 ] إن ظهر ربح ، وإلا وجبت ، نص عليه ، قال صاحب " النهاية " : وعندي أنه لا شفعة للعامل فيما اشتراه كالوكيل والوصي ، الثانية : المذهب أنها لا تجب لرب المال على المضارب ; لأن الملك وقع له ، فلا يستحق الشفعة على نفسه ، والثاني : تجب ; لأن مال المضاربة كالمنفرد بنفسه ، أشبه ما إذا كان المشتري شريكا ، فلأن الشفعة بينه وبين شريكه ، وهذه شفعة في الحقيقة لم تجلب ملكا ، وإنما قررته ، قال في " المغني " ، و " الشرح " : والوجهان مبنيان على شراء رب المال من مال المضاربة ، ولا شفعة لمضارب فيما باعه من مالها وله فيه ملك ، وله الشفعة فيما بيع شركة لمال المضاربة ، إن كان فيها حظ ، فإن أبي أخذ بها رب المال .
تذنيب : قال أحمد في رواية حنبل : لا يرى الشفعة في أرض السواد ; لأن عمر وقفها ، وكذا كل أرض وقفها كالشام ومصر ، قال في " المغني " ، و " الشرح " : إلا أن يحكم ببيعها حاكم ، أو يفعله الإمام ، أو نائبه ، فتثبت ; لأنه مختلف فيه ، وحكم الحاكم ينفذ فيه .