الثالث : سائر الأموال كالأثمان ، والمتاع ، والغنم ، والفصلان ، والعجول ، والأفلاء ، فمن لا يأمن نفسه عليها ليس له أخذها ، فإن فعل ضمنها ولم يملكها وإن عرفها ، ومن أمن نفسه عليها ، وقوي على تعريفها فله أخذها ، والأفضل تركها ، وعند أبي الخطاب : إن وجدها بمضيعة فالأفضل أخذها ، ومتى أخذها ثم ردها إلى موضعها أو فرط فيها ضمنها .
( الثالث : سائر الأموال كالأثمان ، والمتاع ، والغنم ، والفصلان ) بضم الفاء جمع فصيل ، وهو ولد الناقة إذا فصل عن أمه ( والعجول ) جمع عجل ، وهو ولد البقرة ، قال ابن مالك : حين يوضع ، والجمع العجاجيل ( والأفلاء ) قال الجوهري : الفلو ، بتشديد الواو ، المهر ، والأنثى فلوة ، والجمع أفلاء كأعداء قال أبو زيد : إذا فتحت الفاء شددت ، وإذا كسرت خففت ، فقلت : فلو كجرو ( فمن لا يأمن نفسه عليها ليس له أخذها ) لما في ذلك من تضييع مال غيره ، فحرم كإتلافه ، وكما [ ص: 277 ] لو نوى تملكها في الحال أو كتمانها ( فإن فعل ضمنها ) كغاصب ، سواء تلفت بتفريطه أو لا ( ولم يملكها وإن عرفها ) لأن السبب المحرم لا يفيد الملك بدليل السرقة ، والتقاط هذه محرم ، فلا يستفاد به الملك ، وقيل : تملك ; لأن الملك بالتعريف والالتقاط ، وقد وجدا كالاصطياد من أرض غيره ( ومن أمن نفسه عليها وقوي على تعريفها فله أخذها ) لحديث زيد ثبت في النقدين ، وقسنا عليهما المتاع ، وعلى الشاة قسنا كل حيوان لا يمتنع بنفسه من صغار السباع ، كابن آوى ، والذئب ، وعن أحمد : ليس لغير الإمام التقاط الشاة ونحوها ، وعنه : وعرض ذكرها أبو الفرج ، والأول أولى ; لأن الشارع علل في عدم التقاط الإبل ما هو معدوم في الغنم ، وفرق بينهما في خبر واحد ، فلا يجوز الجمع بين ما فرق الشارع بينهما ، ولا قياس ما أمرنا بالتقاطه على ما منع منه ، وحينئذ لا فرق بين أن يجدها في مصر أو مهلكة ; لأنه - عليه السلام - لم يستفصل ، ولو افترق الحال لاستفصل ، وذكر القاضي ، وأبو الخطاب عن أحمد أنه لا يملكها ، قال في " المغني " ، و " الشرح " ، ولعلها الرواية التي منع من التقاطها فيها ( والأفضل تركها ) قاله أحمد ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، ولم يعرف لهما مخالف ، فكان كالإجماع ; لأنه يعرض نفسه لأكل الحرام ، وتضييع الواجب في التعريف وأداء الأمانة فيها ، فكان تركها أولى كولاية مال اليتيم ( وعند أبي الخطاب إن وجدها بمضيعة ) وأمن نفسه عليها ( فالأفضل أخذها ) لما فيه من الحفظ المطلوب شرعا ، كتخليصه من الغرق ، ولا يجب أخذه ; لأنه أمانة كالوديعة ، وخرج وجوبه إذن ; لأن حرمة مال المسلم كحرمة دمه .
[ ص: 278 ] فرع : إذا وجد عنبرة على الساحل فهي له ، والقن الصغير كالشاة ، وكذا كل جارية تحرم على الملتقط ، وذكر القاضي أن قياس المذهب أنه لا يملك بالتعريف .
( ومتى أخذها ثم ردها إلى موضعها أو فرط فيها ضمنها ) لأنها حصلت في يده ، فلزمه حفظها كالوديعة ، إلا أن يأمره إمام أو نائبه بردها كممتنع ، ودل على أنها إذا ضاعت عنده في حول التعريف بلا تفريط لا ضمان عليه ، وإن التقطها آخر ، لزمه ردها إلى الأول مع علمه ، فإن لم يعلم حتى عرفها حولا ملكها ; لأن سبب الملك وجد منه من غير عدوان ، فثبت الملك له كالأول ، ولا يملك الأول انتزاعها منه ، فإن جاء صاحبها أخذها من الثاني ، وليس له مطالبة الأول ، فإن علم الثاني بالأول فردها وأبى أخذها ، وقال : عرفها أنت ، فعرفها ملكها ، وإن قال : عرفها وتكون ملكا لي أو بيننا صح ، وإن قصد الثاني بالتعريف تملكها لنفسه دون الأول ، فوجهان ، وكذا الحكم إذا علم الثاني بالأول فعرفها ولم يعلمه بها .