ولا فرق بين كون الملتقط غنيا أو فقيرا ، مسلما أو كافرا ، عدلا أو فاسقا ، وقيل : يضم إلى الفاسق أمين في تعريفها وحفظها ، وإن وجدها صبي أو سفيه قام وليه بتعريفها ، وإذا عرفها فهي لواجدها ، وإن وجدها عبد فلسيده أخذها منه وتركها معه يتولى تعريفها إذا كان عدلا ، فإن لم يأمن العبد سيده عليها لزمه سترها عنه ، فإن أتلفها قبل الحول فهي في رقبته ، وإن أتلفها بعده فهي في ذمته ، والمكاتب كالحر ، ومن بعضه حر فهي بينه وبين سيده ، إلا أن تكون بينهما مهايأة ، فهل يدخل في المهايأة ؛ على وجهين
فصل
( ولا فرق بين كون الملتقط غنيا أو فقيرا ) روي عن عمر ، وعلي ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، وعائشة ، وخلق ؛ للعموم . وعنه : لا يملكها إلا فقير من غير ذوي القربى ؛ لحديث عياض ؛ ولأنه أضاف المال فيه إلى الله تعالى ، وما يضاف إليه إنما يتملكه من يستحق الصدقة ، وجوابه بأن من ملك بالقرض ملك اللقطة كالفقير ، ودعواهم لا دليل عليها ، بل بطلانها ظاهر ، فإن الأشياء كلها تضاف إلى الله خلقا وملكا ، قال الله تعالى : وآتوهم من مال الله الذي آتاكم [ النور : 33 ] ( مسلما ) اتفاقا ( أو كافرا ) في قول الجماهير ; لأنه نوع اكتساب ، فكان من أهله كالاحتطاب ، وقيده في " الشرح " ، و " الفروع " بالذمي ، ولعله مراد ، وفي " الرعاية " بالكافر العدل في دارنا . وقال بعض العلماء : ليس له ذلك في دار الإسلام ; لأنه ليس من أهل الأمانة ، [ ص: 290 ] وينتقض بالصبي ، قال في " الشرح " : وإن علم بها الحاكم أقرها في يده وضم إليه عدلا في الحفظ والتعريف ، ويحتمل أن تنتزع من يده ، وتوضع على يد عدل ؛ لأنه غير مأمون عليها ( عدلا ) اتفاقا ( أو فاسقا ) على المذهب ; لأنها من جهات الكسب ، وهو من أهله ، فصح التقاطه كالعدل ، وإذا صح التقاط الذمي فالمسلم أولى ، والأولى له تركها ; لأنه يعرض نفسه للأمانة وهو ليس من أهلها ( وقيل : يضم إلى الفاسق أمين في تعريفها وحفظها ) قدمه في " المحرر " ، وجزم به في " الشرح " ; لأنه لا يؤمن عليها ، فافتقر إلى مشاركة الأمين في الحفظ ، وظاهره أنها لا تنتزع منه ; لأن له حق التملك ، نعم ، إن لم يمكن المسرف حفظها منه انتزعت من يده وتركت في يد عدل ، فإذا عرفها ملكها الملتقط ؛ لوجود سبب الملك منه .
( وإن وجدها صبي أو سفيه ) أو مجنون - قاله جماعة - ( قام وليه بتعريفها ) ؛ لأن واجدها ليس من أهل التعريف ، وهو مقوم في ماله ، فكذا في لقطته ، وحينئذ يلزم الولي أخذها منه ، فإن تركها في يده فتلفت ضمنها ( فإذا عرفها ) ولم تعرف ( فهي لواجدها ) ؛ لأن سبب الملك تم شرطه ، فثبت الملك له كالصيد ، وعلم منه صحة التقاطهما ؛ لعموم الأخبار ؛ ولأنه نوع كسب ، فصح منه كالاحتشاش ، فإن تلفت بيد أحدهم وفرط ، نص عليه في صبي كإتلافه .
( وإن وجدها عبد ) عدل ( فلسيده أخذها منه ) ؛ لأنها من كسبه ، وهو لسيده ، فكان له انتزاعها منه ( وتركها معه ، يتولى تعريفها إذا كان عدلا ) ؛ لأنه واجد ، فإن عرفها بعض الحول عرفها السيد تمامه ، وإن عرفها حولا صح في الأصح ; لأن له قولا صحيحا فصح تعريفه كالحر ، فإذا تم حول التعريف [ ص: 291 ] ملكها سيده بشرطه ; لأنها من جملة أكسابه ، وظهر منه صحة التقاطه بغير إذن سيده ; لأن من جاز له قبول الوديعة بغير إذن سيده جاز له الالتقاط كالحر ، وهذا إذا لم ينهه عنها ، فإن نهاه عنها لم يصح قطعا ، لا يقال : هي قبل الحول أمانة وولاية وبعده تملك وليس من أهله ; لأنه يبطل بالصبي ، والعبد من أهل التملك في الجملة بدليل الاصطياد ، فإن عتق أخذه سيده ، وقيل : إن عتق بعد الحول والتعريف وقلنا يملك - فلا ، ( فإن لم يأمن العبد سيده عليها لزمه سترها عنه ) ؛ لأنه يلزمه حفظها ، وذلك وسيلة إليه ، ويسلمها إلى الحاكم ثم يدفعها إلى سيده بشرط الضمان ( فإن أتلفها قبل الحول فهي في رقبته ) أي تتعلق قيمتها برقبته ، كالجناية ، وكذا إذا تلفت بتفريطه ، فلو تلفت بلا تفريط فلا ضمان عليه ، كالحر ( وإن أتلفها بعده فهي في ذمته ) ؛ لأنه غير متعد في إتلافها بعد الحول بالنسبة إلى صاحبها ، قال في " الشرح " : هذا إذا قلنا : يملكها العبد بعد التعريف ، وإن قلنا : لا يملكها فهو كما لو أتلفها في حول التعريف ، ويصلح أن ينبني ذلك على استدانة العبد .
( والمكاتب كالحر ) لأن المال له في الحال وأكسابه له ، وهو شامل لأكسابه الصحيحة والفاسدة ، فإن عجز صار عبدا ، وحكم لقطته كالعبد ، ( ومن بعضه حر فهي بينه وبين سيده ) ؛ لأنها من كسبه ، وهي بينهما فيعرفان ويملكان [ ص: 292 ] بالقسط كسائر الأكساب ( إلا أن تكون بينهما مهايأة ) بأن يتفق هو والسيد على أن المنافع يوما لهذا ويوما للآخر ، ( فهل يدخل في المهايأة ؛ على وجهين ) ، أصحهما لا يدخل ; لأنها من الأكساب النادرة أشبهت الميراث ، فعلى هذا يكون بينهما كالعبد المشترك ، والثاني : يدخل ; لأنها من كسبه ، أشبهت سائر الأكساب ، فيكون لمن وجد في يومه ، وكذا حكم نادر من كسبه كهدية ، وهبة ، ووصية ، ونحوها ، قاله في " المغني " و " الشرح " .