ولو ملك ابن عمه فأقر في مرضه أنه أعتقه في صحته - عتق ولم يرثه ، ذكره أبو الخطاب; لأنه لو ورثه كان إقراره لوارث ، وكذلك على قياسه لو اشترى ذا رحمه المحرم في مرضه وهو وارثه ، أو وصى له به ، أو وهب له ، فقبله في مرضه ، وقال القاضي : يعتق ويرث ، ولو أعتق أمته وتزوجها في مرضه لم ترثه على قياس الأول ، ولو أعتقها وقيمتها مائة ، ثم تزوجها وأصدقها مائتين لا مال له سواهما ، وهي مهر مثلها ، ثم مات - صح العتق ولم يستحق الصداق ؛ لئلا يفضي إلى بطلان عتقها ثم يبطل صداقها ، وقال القاضي : تستحق المائتين .
فصل
( ولو ملك ابن عمه ، فأقر في مرضه أنه أعتقه في صحته عتق ) من رأس المال ; لأن إقرار المريض بذلك كالصحيح ، ( ولم يرثه ، ذكره أبو الخطاب ) وفي " الرعاية " أنه أقيس ؛ ( لأنه لو ورثه كان إقراره لوارث ) ، فيبطل عتقه ; لأنه مرتب على صحة الإقرار ، وهو لا يصح لوارث ، وعلله الخبري بأن عتقهم وصية ، فلا يجمع لهم بين الأمرين ; لأنهم إذا ورثوا بطلت الوصية ، وإذا بطلت الوصية بطل العتق ، فيؤدي توريثهم إلى إسقاط توريثهم ، وقيل : يرث ; لأنه حين الإقرار لم يكن وارثا ، فوجب أن يرث كما لو لم يصر وارثا ، ( وكذلك على قياسه لو اشترى ذا رحمه المحرم ) - أي من يعتق عليه بالشراء ( في مرضه ، وهو وارثه ، أو وصى له به ، أو وهب له فقبله في مرضه ) ، أي يعتق ولا يرث ؛ لما ذكرناه ، ( وقال القاضي : يعتق ويرث ) وهو المنصوص ، وقدمه في " المحرر " و " الفروع " ، وحاصله أنه إذا ملك من يعتق عليه بهبة أو وصية ، أو أقر أنه أعتق ابن عمه عتقا من رأس المال وورثا ; لأنه حين موت موروثه ليس بقاتل ولا مخالف لدينه ، ولا يكون عتقهم وصية ، وقيل : يعتق من ثلثه ، وإلا عتق منه بقدر الثلث ، فلو دبر ابن عمه عتق ولم يرث ، نص عليه ، وإن قال : أنت حر في آخر [ ص: 402 ] حياتي عتق ، والأشهر : يرث ، وليس عتقه وصية ، ولو علق عتق عبده بموت قريبه لم يرثه ، ذكره جماعة ، قال القاضي : لأنه لا حق له فيه ، قال في " الفروع " : ويتوجه الخلاف .
مسألة : إذا اشترى مريض من يعتق على وارثه صح ، وعتق على الوارث قولا واحدا ، وإن وصى بعتق بعض عبد ، أو أعتقه ، أو دبره وبقيته له أو لغيره ، وثلثه يحمل كله - كمل عتقه وأخذ الشريك حقه ، وعنه : لا سراية فيهن ، وهو أولى ، وفي استسعائه للشريك روايتان ، وعنه : السراية في المنجز فقط ، قال ابن حمدان : وإن اشترى المديون ذا رحمه المحرم لم يصح ، وقيل : بلى ويباع في الدين ، ولو اتهب عبد من يعتق على سيده ، وقلنا : يصح قبوله بدون إذنه عتق على سيده ( ولو أعتق أمته وتزوجها في مرضه لم ترثه على قياس الأول ) ؛ لأن إرثها يفضي إلى بطلان عتقها ; لأنه وصية ، وإبطال عتقها يبطل توريثها ، ( وقال القاضي : يرثه ) نص عليه في رواية المروذي ، وهو المذهب ; لأن العتق في هذه الحال وصية بما لا يلحقه الفسخ ، فيجب تصحيحه للوارث كالعفو عن العمد في مرضه ، فإنه لا يسقط ميراثه ، ولا تبطل الوصية ، ومحله ما إذا خرجت من الثلث ، كما لو أعتق ابن عمه أو اشترى ذا رحم يعتق عليه ممن يرث ، ولو أعتقها في صحته وتزوجها في مرضه فإنه يصح ، وترثه بغير خلاف علمناه ، ( ولو أعتقها وقيمتها مائة ثم تزوجها وأصدقها مائتين لا مال له سواهما وهي مهر مثلها ثم مات - صح العتق ) والنكاح ; لأنه صدر من أهله في محله ، ( ولم يستحق الصداق ؛ لئلا يفضي إلى بطلان عتقها ثم يبطل صداقها ) ووجهه أنها إذا استحقت الصداق لم يبق شيء [ ص: 403 ] سوى قيمة الأمة المقدر بقاؤها ، فلا ينفذ العتق في كلها ؛ لكون الإنسان محجورا عليه في التصرف في مرضه في جميع ماله ، وإذا بطل العتق في البعض بطل النكاح ، وإذا بطل النكاح بطل الصداق ، ( وقال القاضي : تستحق المائتين ) وتعتق ; لأن العتق وصية لها ، وهي غير وارثه ، والصداق استحقته بعقد المعاوضة ، وهي تنفذ من رأس المال ، فهو كما لو تزوج أجنبية وأصدقها المائتين ، وفي إرثها الخلاف ، قال في " المغني " : والأول أولى من القول بصحة العتق واستحقاق الصداق جميعا ؛ لإفضائه إلى القول بصحة العتق في مرض الموت من جميع المال ، ولا خلاف في فساد ذلك ، فلو أصدق المائتين أجنبية صح وبطل العتق في ثلثي الأمة ; لأن الخروج من الثلث معتبر بحالة الموت ، وحالة الموت لم يبق له مال ، وكذا لو تلفت المائتان قبل موته عتق منها الثلث فقط .
فرع : لو أعتق أمة لا يملك غيرها ثم تزوجها ، فالنكاح صحيح في الظاهر ، فإن مات ولم يملك شيئا آخر تبينا أن النكاح باطل ويسقط مهرها إن كان لم يدخل بها ، وإن كان دخل بها ومهرها نصف قيمتها عتق منها ثلاثة أسباعها ويرق أربعة أسباعها ، وحسابها أن نقول : عتق منها شيء ولها بصداقها نصف شيء ، وللورثة شيئان ، فتجمعه ثلاثة أشياء ونصفا ، تبسطها تكن سبعة .
مسألة : مريضة أعتقت عبدا لها قيمته عشرة ، وتزوجها بعشرة في ذمته ، ثم ماتت وخلفت مائة ، فمقتضى قول الأصحاب أن تضم العشرة إلى المائة ، فتكون التركة ويرث نصف ذلك ، والباقي للورثة ، وقال أبو يوسف ومحمد : يحسب عليه قيمته أيضا ، ويضم إلى التركة ، ويبقى للورثة ستون ، وقال الشافعي : لا يرث شيئا [ ص: 404 ] وعليه أداء العشرة التي في ذمته ؛ لئلا يكون إعتاقه وصية لوارث ، وهو مقتضى قول الخرقي .
فائدة : وهب أمة حرم على المتهب وطؤها حتى تبرأ أو تموت ، وفي " الخلاف " : له التصرف ، وفي " الانتصار " : والوطء .