( وإن وصى لمن تحمل هذه المرأة لم تصح ) في قول الأكثر ; لأن الوصية تمليك ، فلا تصح للمعدوم ، بخلاف الموصى به ، فإنه تمليك ، فلم يعتبر وجوده ، ولأن الوصية أجريت مجرى الميراث ، وقيل : تصح كما تصح بما تحمل هذه [ ص: 37 ] الجارية ، وكما لو وقف على من يحدث من ولده ، أو ولد ولده ، ورد : بالفرق بينهما ; لأنها تجري مجرى الميراث ، ولا تحصل إلا لموجود ، والوقف يراد للدوام ، ومن ضرورته إثباته للمعدوم . ( ولو قتل الوصي الموصي ) ولو خطأ ( بطلت الوصية ) قاله nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، واختاره أبو بكر ، ونص عليه في المدبر ; لأن القتل يمنع الميراث الذي هو آكد منها ، فالوصية أولى ، ولأنه عومل بنقيض قصده ، وقال ابن حامد : تجوز الوصية له ، واحتج بقول أحمد : من جرح رجلا خطأ ، فعفا المجروح ، فقال : يعتبر من ثلثه ، وهذه وصية لقاتل ; لأن الهبة له تصح ، فكذا الوصية ، وإن جرحه ، ثم أوصى له ، فمات من الجرح ، لم تبطل في ظاهر كلامه ; لأنها بعد الجرح صدرت من أهلها في محلها ، لم يطرأ عليها ما يبطلها ، بخلاف ما إذا تقدمت فإن القتل طرأ عليها فأبطلها ، فيبطل ما هو آكد منها ، ولهذا جمع أبو الخطاب بين نصي الأمام ( وقال أصحابنا : في الوصية للقاتل روايتان ) إحداهما : لا تصح سواء وصى له ، ثم قتله ، أو جرحه جرحا صالحا للزهوق ، ثم وصى له ; لأنه قاتل ، فبطلت كالميراث ، والثانية : بلى ; لأنها تمليك بعقد فضاهت الهبة ، والأولى ما ذكره المؤلف ، وجزم به في الوجيز ، وقدمه في المحرر والفروع ( وإن وصى لصنف من أصناف الزكاة ) كالفقراء ( أو لجميع الأصناف ، صح ) لأنهم من أبواب البر ، ولأنهم يملكون بدليل الزكاة ، والوقف ( ويعطى كل واحد منهم القدر الذي يعطاه من الزكاة ) لأن المطلق في كلام الآدميين يحمل على المقيد في كلام الله تعالى ، قال في المغني : وينبغي أن يجعل لكل صنف حيث أوصى [ ص: 38 ] لجميعهم ثمن الوصية ، كما لو أوصى لثمان قبائل ، والفرق بينهما حيث يجوز الاقتصار على صنف واحد ، أن آية الزكاة أريد بها من يجوز الدفع إليه ، والوصية أريد بها بيان ما يجب الدفع إليه ، انتهى . ويجوز الاقتصار من كل صنف على واحد في ظاهر المذهب ، وعنه : يتقيد بثلثه من كل صنف ، ولا يصرف إلا على المستحق من أهل بلده . فرع : إذا أوصى بشيء لزيد ، وبشيء للفقراء ولجيرانه ، وزيد منهم ، لم يشاركهم ، نص عليهما ، ولو وصى لقرابته بشيء وللفقراء كذلك ، فلقريب فقير سهمان ، ذكره أبو المعالي ، قال في الفروع : ويتوجه تخريج حكم كل صورة إلى الأخرى ، قال شيخنا : قد يفرق بينهما بأن زيدا يتعين ، والقرابة لفظ عام يدخل فيه الفقراء وغيرهم ، فصلح كل من وصفه سببا ; لاستحقاقه به ، فإنه علق استحقاقه بوصفه ، وهو القرابة ، فإذا كان فيه وصفان صار استحقاقه بهما ، بخلاف زيد فإنه علق استحقاقه بعينه ، وعينه تتعدد . ( وإن وصى لكتب القرآن ، أو العلم ، أو المسجد ، أو لفرس حبيس ينفق عليه صح ) لأن ذلك قربة ، فصح بذل المال فيه كالوصية للفقير ، والموصى به للمسجد في مصالحه عملا بالعرف ، ويصرفه الناظر إلى الأهم والأصلح باجتهاده ، فلو قال : إن مت فبيتي مسجد ، أو فأعطوه ماله من مالي - توجه صحته ، ولو أراد تمليك الفرس أو المسجد ، لم يصح ( فإن مات الفرس رد الموصى به ، أو باقيه ) إن كان أنفق بعضه ( إلى الورثة ) لأنه لما بطل محل الوصية ، وجب الرد إلى الورثة ، كوصيته بعتق عبد زيد ، فتعذر ، أو شراء عبد بألف ، أو عبد زيد [ ص: 39 ] بها في المنصوص فيه ، فاشتروه بدونها ، ومقتضاه : أنه لا يصرف إلى فرس آخر حبيس في المنصوص . مسائل : إذا أوصى بخدمة عبده سنة ، ثم هو حر ، صحت الوصية ، فلو ردها ، أو وهب الخدمة ، عتق في الحال ، وفي المغني ، والشرح ، خلافه ، وإن أوصى بعتق نسمة بألف ، فأعتقوا نسمة بخمسمائة لزمهم عتق أخرى بخمسمائة في الأصح . وإن قال : أربعة بكذا ، جاز الفصل بينهما ما لم يسم ثمنا معلوما ، نص عليه ، ولو وصى أن يشتري فرسا للغزو بمعين ، فاشتراه بأقل منه ، فباقيه نفقة لا إرب في المنصوص .