فإن جاوز أكثر الحيض ، فهي مستحاضة ، فإن كان دمها متميزا بعضه ثخين أسود منتن ، وبعضه رقيق أحمر ، فحيضها زمن الدم الأسود ، وما عداه استحاضة ، وإن لم يكن متميزا ، قعدت من كل شهر غالب الحيض . وعنه : أقله ، وعنه : أكثر ، وعنه : عادة نسائها ، كأمها وأختها وعمتها وخالتها ، وذكر أبو الخطاب في المبتدأة أول ما ترى الدم الروايات الأربع ،
( وما عداه استحاضة ) فيصير حكمها حكم الطاهرات ، لما ذكرناه ، فتغتسل عند انقطاع الأول وتصوم ، وتتوضأ لكل صلاة كما يأتي .
تنبيه : تقدم أن دلالة التمييز لا تحتاج إلى تكرار ، وقال القاضي ، وأبو الحسن الآمدي : تجلس المميزة من التمييز ما تكرر ، فعلى هذا إذا رأت في كل شهر خمسة أحمر ، ثم خمسة أسود ، ثم أحمر ، واتصل ، جلست زمان الأسود ، وهل تجلسه في الشهر الثاني أو الثالث أو الرابع ؛ يخرج على الخلاف ، ولا يعتبر أن لا تزيد مدة الدمين على شهر في وجه ، فلو رأت عشرة أسود ، [ ص: 276 ] ثم ثلاثين أحمر ، فحيضها زمن الأسود ، وفي آخر : متى زادت مدتهما على شهر ، بطلت دلالة التمييز ، ولا يلتفت إلى الأسود ، فإن نقص التمييز عن الأكثر ، فطهرها بعده إلى الأكثر مشكوك فيه ، تفعل فيه كالمعتاد ، ولا قضاء عليها .
وهل يباح وطؤها ؛ فيه روايتان . قال ابن تميم : والصحيح أنه طهر ، بيقين فإن رأت ستة عشر يوما أحمر ، ثم باقي الشهر أسود ، فحيضها زمن الأسود في الأصح ، والثاني : تجلس من الأحمر يوما وليلة ، ثم تجلس الأسود ، ومتى بطلت دلالة التمييز ، فهل تجلس ما تجلسه منه أو من أول الدم ؛ فيه وجهان ، وعنه : لا تسقط دلالة التمييز ، وإن عبر الأكثر . قال ابن تميم : فعلى هذا ينبغي أن لا تجلس زيادة على الأكثر ، وتأولها القاضي .
( فإن لم يكن متميزا قعدت من كل شهر غالب الحيض ) في ظاهر المذهب ، واختاره الخرقي ، وابن أبي موسى ، والقاضي ، وجزم به في " الوجيز " لما روي أن حمنة بنت جحش قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338485يا رسول الله إني أستحاض حيضة شديدة كبيرة ، قد منعتني الصوم والصلاة ، فقال : تحيضي في علم الله ستا أو سبعا ، ثم اغتسلي رواه أحمد ، وغيره ، وعملا بالغالب ، ولأنها ترد إلى غالب الحيض وقتا ، فكذا قدرا فعلى هذا تجتهد في الست والسبع ، وقيل : تخير ، وتفارق المبتدأة في جلوسها الأول من حيث أنها أول ما ترى الدم ترجو انكشاف أمرها عن قرب ، ولم يتبين لها دم فاسد ، وإذا علم استحاضتها فقد اختلط الحيض بالفاسد يقينا ، وليس قرينة ، فلذلك ردت إلى الغالب عملا بالظاهر ( وعنه : أقله ) اختارها أبو بكر ، وابن عقيل [ ص: 277 ] في " التذكرة " ، لأنه اليقين ، وكحالة الابتداء ( وعنه : أكثره ) اختاره في " المغني " لأنه زمان الحيض ، فإذا رأت الدم فيه جلسته كالمعتادة ( وعنه : عادة نسائها كأمها ، وأختها ، وعمتها ، وخالتها ) لأن الغالب شبهها بهن ، وقياسا على المهر ، وتقدم القربى ، فالقربى ، فإن اختلفت عادتهن جلست الأقل ، وقيل : الأكثر ، وقيل : تتحرى ، فإن عدم الأقارب اعتبر الغالب . زاد ابن حمدان : من نساء بلدها ( وذكر أبو الخطاب ) في " هدايته " وتبعه في " الكافي " ( في المبتدأة أول ما ترى الدم الروايات الأربع ) الأولى : أنها تجلس الأقل ، لأنه اليقين ، والثانية : تجلس ستا أو سبعا ، لأنه الغالب ، والثالثة : تجلس عادة نسائها ، لأن الظاهر شبهها بهن ، والرابعة : تجلس ما تراه من الدم ، ما لم يجاوز أكثره قياسا على أقله ، ولما فرغ من الكلام على المستحاضة المبتدأة ، شرع في أقسام المستحاضة المعتادة ، ولها أربعة أحوال فأشار بقوله :