وإذا كاتب عبيدا له كتابة واحدة بعوض واحد ، صح ، ويقسط العوض بينهم على قدر قيمتهم ، ويكون كل واحد منهم مكاتبا بقدر حصته ، يعتق بأدائها ، ويعجز بالعجز عنها وحده وقال أبو بكر : العوض بينهم على عددهم ، ولا يعتق واحد منهم حتى يؤدي جميع الكتابة ، فلو اختلفوا بعد الأداء في قدر ما أدى كل واحد منهم ، فالقول قول من يدعي أداء قدر الواجب عليه ، ويجوز أن يكاتب بعض عبده ، فإن أدى ، عتق كله وتجوز كتابة حصته من العبد المشترك بغير إذن شريكه ، فإذا أدى ما كوتب عليه ومثله لسيده الآخر ، عتق كله إن كان الذي كاتبه موسرا ، وعليه قيمة حصة شريكه ، فإن أعتق الشريك قبل أدائه ، عتق عليه كله إن كان موسرا ، وعليه قيمة نصيب المكاتب ، وقال القاضي : لا يسري إلى نصيب المكاتب إلا أن يعجز ، فيقوم عليه حينئذ ، وإن كاتبا عبدهما ، جاز ، سواء كان على التساوي أو التفاضل ، ولا يجوز أن يؤدي إليهما إلا على التساوي ، فإذا كمل أداؤه إلى أحدهما قبل الآخر ، عتق كله عليه ، وإن أدى إلى أحدهما دون صاحبه ، لم يعتق إلا أن يكون بإذن الآخر فيعتق ، ويحتمل أن لا يعتق .
فصل
( وإذا كاتب عبيدا له كتابة واحدة بعوض واحد صح ) في قول أكثر أهل العلم ; لأن الكتابة بيع ، فصح عقدها على جماعة جملة واحدة بعوض واحد كالبيع ، وهذا بخلاف قول ثلاثة لبائع : اشتريت أنا زيدا ، وهذا عمرا ، وهذا بكرا بمائة درهم ( ويقسط العوض بينهم على قدر قيمتهم ) يوم العقد ; لأنه حين المعاوضة ، ولأنه عوض ، فيقسط على المعوض ، كما لو اشترى شقصا وسيفا ، وكما لو اشترى عبيدا ، فرد واحد بعيب ( ويكون كل واحد منهم مكاتبا بقدر حصته يعتق بأدائها ويعجز بالعجز عنها وحده ) لأن الحصة بمنزلة الثمن المنقود ، فإن [ ص: 363 ] شرط عليهم في العقد أن كل واحد منهم ضامن عن الباقين ، فسد الشرط ، وصح العقد ، وعنه : صحة الشرط ، وفي الرعاية : غلبت فيها الصفة ، فتكون جائزة ، فإن مات أحدهم أو عتق ، سقط قدر حصته ، نص عليه ، فإن قال الأعلون قيمة : أدينا على قدر قيمتنا ، وقال الأدنون قيمة : بل على عددنا ، فالقول قول من يدعي التسوية إن جعل العوض بينهم على عددهم ، وإلا فوجهان ( وقال أبو بكر : العوض بينهم على عددهم ) وقال أبو بكر : يتوجه لأبي عبد الله أن العوض بينهم على عدد رؤوسهم ; لأنه أضيف إليهم إضافة واحدة ، كما لو أقر لهم بشيء ( ولا يعتق واحد منهم حتى يؤدي جميع الكتابة ) واختاره ابن أبي موسى ; لأن الكتابة مقدر فيها قول السيد : متى أديتم فأنتم أحرار ، وفي المغني : الأول أصح ، والإقرار ليس بعوض ( فلو اختلفوا بعد الأداء في قدر ما أدى كل واحد منهم ، فالقول قول من يدعي أداء قدر الواجب عليه ) لأن الظاهر من حاله أداء ما وجب عليه ، فوجب قبول قوله فيه لاعتضاده بالظاهر ، ونقل ابن منصور : إذا كاتب على نفسه وولده ، ولم يعلم عدتهم ولم يسمهم ، فقد دخلوا في الكتابة أيضا ( ويجوز أن يكاتب بعض عبده ) لأنها معاوضة ، فصحت في بعضه كالبيع ، ويملك من كسبه بقدر ما كوتب عليه ، وفي الترغيب : يقسم كسبه بين سيده وبين مالك باقيه نصفين ، في إحدى الروايتين ، وفي الأخرى : يوما له ويوما لمالك باقيه ، يعني إذا كاتب نصفه ( فإن أدى ، عتق كله ) لأنه إذا سرى فيه العتق إلى ملك غيره ، فإلى ملكه أولى ( وتجوز كتابة حصته من العبد المشترك بغير إذن شريكه ) [ ص: 364 ] لأنها عقد معاوضة ، فجاز بغير إذن الشريك كالبيع ، وقال ابن حمدان : إن كان معسرا ، فلا بد من إذن شريكه ( فإذا أدى ما كوتب عليه ، ومثله لسيده الآخر ، عتق كله ، إن كان الذي كاتبه موسرا ) لأن بعضه يعتق بأداء الكتابة ، فيسري إلى نصيب الشريك ، كما لو باشر نصيبه بالعتق ( وعليه قيمة حصة شريكه ) لأنه فوت الحصة على مالكها لإتلافها بالعتق ، كما لو قتله ( فإن أعتق الشريك قبل أدائه عتق عليه كله ، إن كان موسرا ، وعليه قيمة نصيب المكاتب ) لقوله عليه السلام nindex.php?page=hadith&LINKID=10340315من أعتق شركا له في عبد وهذا داخل في عمومه ، ولأنه عتق لجزء من العبد من موسر غير محجور عليه ، فسرى إلى باقيه كالقن ، وفي كلام المؤلف : أنه يجب عليه قيمة حصة شريكه مكاتبا ; لأنه أتلفه ، وظاهره : أنه إذا كان معسرا عتق نصيبه وباقيه على الكتابة ، فإن عجز ، عاد الجزء المكاتب رقيقا ، إلا على رواية الاستسعاء ( وقال القاضي ) وأبو بكر : ( لا يسري إلى نصيب المكاتب ) لأنه قد انعقد للمكاتب سبب الولاء ، فلا يجوز إبطاله ( إلا أن يعجز فيقوم عليه حينئذ ) لأنه عاد قنا ، فلا يفضي إلى المحذور المذكور ( وإن كاتبا عبدهما ، جاز ، سواء كان على التساوي أو التفاضل ) لأنها عقد معاوضة ، فجاز من الشريكين متساويا ، ومتفاضلا كالبيع ( ولا يجوز أن يؤدي إليهما إلا على التساوي ) يعني على قدر الملك ، فيتساويان في الأداء بغير خلاف نعلمه ، فإن قبض أحدهما دون الآخر شيئا ، لم يصح ، وللآخر أن يأخذ حصته إذا لم يكن أذن في القبض ، فإن أذن فيه ، فوجهان أصحهما : يصح ; لأن المنع لحقه ، فجاز بإذنه .
[ ص: 365 ] والثاني : لا ، اختاره أبو بكر ; لأن حقه في ذمته ، فلم يقع إذنه فيه ( فإذا كمل أداؤه إلى أحدهما قبل الآخر ، عتق كله عليه ) لأن نصيبه يعتق بالأداء ، فيسري إلى نصيب شريكه ( وإن أدى إلى أحدهما دون صاحبه ، لم يعتق ) لأن العتق لا يحصل بأداء مال الغير ( إلا أن يكون بإذن الآخر فيعتق ) لأن المكاتب محجور عليه لحق السيد ، فإذا أذن له ، صح الأداء ، وحينئذ يقع العتق لحصول الأداء الصحيح ( ويحتمل أن لا يعتق ) لأن حق السيد في ذمة المكاتب ، وما في يد المكاتب ملك له ، فإذا أذن السيد فيه لم ينفذ .